المتحدث باسم الجيش
الباكستاني يعلن اعتقال برادرمع أن الاعتقاد السائد أن برادر هو حلقة الوصل بين القادة الميدانيين
والملا عمر، إلا أن هيكلية طالبان والحرص الزائد من الملا عمر قد يهدمان
هذا الافتراض باعتبار أنه ميال دائماً منذ حكمه لأفغانستان إلى سلسلة غير
مترابطة من الحلقات لا تؤدي إليه.
ونقلت وكالة الاسوشيتد برس عن اثنين من مسؤولي الاستخبارات الباكستانية، أن
عبدالغني برادر أمدّ المحققين بمعلومات استخباراتية مهمة للغاية. فيما ذكر
مسؤول ثالث أنه معتقل في مكتب للاستخبارات في كراتشي.
تركيبة القيادة العليا لطالبان تحميها من آثار اعتقال أي من قادتها
الرئيسيين، بالإضافة إلى مناخها القبلي المنسجم مع جغرافية شديدة الصعوبة
على الجيوش النظامية، تتلاءم معه بشدة قوات طالبان المعتمدة على الكر والفر
في عملياتها، والتي تجعل سيطرتها تطال ثلثي مساحة أفغانستان.
الجيش الباكستاني أكد الأربعاء 17-2-2010 لأول مرة اعتقال برادر بعد أن تم
التعرف إلى هويته بين عدد من المعتقلين إثر عملية مشتركة مع القوات
الأمريكية في مدينة كراتشي. وقال الجنرال عازر عباس المتحدث باسم الجيش في
مؤتمر صحافي بمدينة روالبندي "تأكد أن من بين المعتقلين الملا عبدالغني
برادر". ولم يتم الافصاح عن مكان احتجازه وتفاصيل العملية لأسباب أمنية.
وقالت صحيفة "داون" الباكستانية إنه اعتقل قبل 10 أيام (بين 7 و8 فبراير
"شباط") في عملية مشتركة بين قوات الأمن الباكستانية في كراتشي والمخابرات
الأمريكية (CIA) داخل سيارة أثناء خروجهم من مدرسة دينية تسمى "خادمو
القرآن" تبعد من 10 إلى 25 كم من مركز للشرطة في اقليم حيدر آباد، برفقة
أربعة آخرين، وكانت عملية الاعتقال سهلة لأنهم فوجئوا برجال الأمن ولم يكن
لديهم الوقت لإبداء أي مقاومة، واقتيدوا إلى جهة غير معلومة. ونقلت عن
مسؤولين أنه يقدم حالياً معلومات استخباراتية مهمة.
وأكد مسؤولون أمريكيون اعتقاله واعتبروه خطوة أمنية مهمة، لكنهم أقروا
أيضاً بقدرة طالبان على الانسجام مع مثل هذه التطورات الميدانية. وكانت
طالبان قد نفت الثلاثاء 16-2-2010 النبأ برمته وقالت إنه لايزال يقود
عمليات الحركة وأنشطتها السياسية الأخرى.
واعتبر المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد أن تسريب اعتقال برادر على هذا
النحو يهدف لصرف الأنصار عن هزيمة الحملة العسكرية الأمريكية في مديرية
"مرجة" بأفغانستان.
الصيد الثمين.. هل يظل ثميناً؟صحيفة "نيويورك تايمز" سبقت إلى إبراز خبر القبض على عبدالغني برادر في
عددها الاثنين الماضي 15 فبراير (شباط) واعتبرته صيداً ثميناً، لعدة أسباب،
فهو الرجل الثاني في الحركة بعد الملا عمر وقائد عملياتها العسكرية
حالياً، وكان قبل سقوط طالبان 2001 رئيساً لأركانها ونائباً لوزير الدفاع
ومقرباً من زعيم القاعدة أسامة بن لادن.
وقالت إن المحققين يأملون في الحصول على معلومات مفيدة منه حول الملا عمر،
لكن من غير الواضح إن كان سيتكلم أم لا.
كل هذه المعطيات في رأي المراقبين للحالة الأفغانية لا تجعله صيداً ثميناً،
فأي شخص مهما كان موقعه في هيكلة طالبان لن يؤدي إلى الرجل الكبير الذي هو
الملا عمر، ومن ثم يبقى سقوط مثل هؤلاء القادة بمثابة انتصارات معنوية
محدودة التأثير فعلياً.
ولد عبدالغني برادر في عام 1968 بولاية أوروزغان في قرية "ويتماك" وتعرّف
إلى الملا محمد عمر أثناء الجهاد ضد الاحتلال السوفييتي، وكان من ضمن
القادة الذين اختارهم الملا عمر في أواسط تسعينات القرن الماضي لقتال قادة
الحرب الأفغان، ثم شارك في تأسيس حركة طالبان، وأصبح بعد سقوط دولتها عام
2001 امام حملة الحلفاء، القائد الفعلي العسكري لها والمسؤول عن عملياتها
وتمويلها.
وأشرف أيضاً على مجلس شورى الحركة المسمى بمجلس "كويتا" نسبة الى المدينة
الباكستانية على الحدود القريبة من قندهار عاصمة دولة طالبان السابقة التي
كانت مقراً لرئيسها الملا عمر، والقريبة أيضاً من مديرية "مرجة" – مسرح
العمليات العسكرية الحالية - في إقليم هلمند بجنوب أفغانستان.
ملاذات "طالبان" الآمنةالقوات الأمريكية في أفغانستان تعوّل كثيراً على عملياتها في مرجة
باعتبارها أحصن مواقع طالبان المتبقية في الجنوب منذ سقوط دولتها، وتحاول
تطبيق استراتيجية جديدة بعد فشلها طيلة الثماني سنوات الماضية في القضاء
على الحركة، تقوم على استخدام أسلوب حرب العصابات في مواجهة مقاتلين
متدربين جيداً على خوضها، وتضع خلفها أو في الصندوق كما يقول القادة
الأمريكيون، قوات من الجيش والشرطة التابعين لحكومة كابل لتتولى السيطرة
على المناطق التي يخليها مقاتلو طالبان.
وهنا يقدر الأمريكيون الصعوبات التي تواجههم، فإخلاء طالبان لمناطق
يحتلونها أو يسيطرون عليها بسبب الهجمات العسكرية المضادة، لم يثبت في أي
وقت من السنوات الماضية أنه انتصار حقيقي، فمقاتليهم يبدون مثل الأشباح
التي تختفي في ملاذات آمنة تتمتع بموانع طبيعية، ثم يعودون عندما تسمح
الأمور بذلك.
وهم على يقين دائماً من مساندة القبائل الجنوبية التي ينتمي لها زعيمهم
محمد عمر، والتي تحاول القوات الأمريكية في استراتيجيتها الجديدة استمالتها
بإخلاء القرى والمدن من طالبان ثم تعميرها، ويرددون دائماً أنهم لا يريدون
تكرار غلطة "الفالوجة" في العراق عندما دمروها تماماً وزرعوا كراهية كل
سكانها لهم.
وتقول مصادر قوات الحلفاء إن مديرية "مرجة" هي معقل للمؤيدين لحركة طالبان
التي قامت فيها حكومة ظل، ومركز لتجارة الهيروين لتمويل عملياتها.
ويشارك في هذه العملية التي يطلق عليها اسم "مشترك" 15 ألف جندي من القوات
الأمريكية والبريطانية والكندية والأفغانية.