بسم الله الرحمان و الرحيم .
الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا ، و الصلاة و السلام على من أرسله للعالمين بشيرا و نذيرا ، و على آله و صحبه و من تبعهم بكرة و أصيلا .
أما بعد :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتُه .
إن خالق هذا الكون واحد هو الله لا إلاه إلا هو ، له مخلوقات مادية ظاهرة لنا تُدرك بالحواس ، و أخرى لا نٌدركُها منها ما هو حيّ و منها ما هُو جامد ، و من الأحياء من هُو مكلّف و منهم و من هُو دون ذلك . فمنهم من هُو خالص لعمل الخير و هم : [ الملائكة ] ، و منهم من خُصّ للشر المحض و هم : [ الشياطين ] ، و منهم من مُزج بين البحرين فتجد الخيِّر و الشرير ، و الصالح و الطالح و هم : [ الإنس و الجن ] الذين خلقهُم الله لعبادته لا لحاجة منه إليهم سُبحانه ، فقال عز من قائل : [ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ] .
قال بعض السلف - رحمهُ الله - : [ قُلت مرة لتلاميذي : لو جاءكُم رجل اجنبي ، فقال لكم : إن لديه ساعة من الزمن ، يُريد أن يفهم فيها ما الإسلام ؟ فكيف تفهمونه الإسلام في ساعة ؟ قالوا : هذا مُستحيل ! لا بُدّ أن يدرس علم التوحيد والتجويد ، والتفسير و الحديث و الفقه و الأصول ، ويدخل في مُشكلات مسائل ، لا يخرج منها إلا في خمس سنين . فقال : سُبحان الله ! أما كان الأعرابي يقدُم على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فيلبث يُعلمُه عنده يوما أو بعض يوم ، فيعرف الإسلام و يحملُه إلى قومه ، فيكون لهم مُرشِدا و مُعلّما ، يكون للإسلام داعيا و مُبلّغا .. ] . و افضل من ذلك و ابلغ أما شرح رسول الله صلى الله عليه و سلم الدين في حديث جبريل -عليه السلام- تناول فيه : ( الإسلام و الإيمان و الإحسان ).
فما هُو دين الإسلام ؟
فسّره النبي صلى الله عليه وسلم بأعمال الجوارح الظاهرة من القول والعمل ، و أوّل ذلك شهادة أن لا إلاه إلا الله و أنّ محمّدا رسول الله . و هو عمل اللسان . ثمّ إقام الصلاة و إيتاءُ الزكاة ، و صوم رمضان ، و حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا .
قال ابن رجب - رحمهُ الله - : [ من أكمل الإتيان بمباني الإسلام الخمس اصبح مُسلما حقّا ، مع أنّ من أقرّ بالشهادتين اصبح مُسلمًا حُكمًا فإذا دخل في الإسلام بذلك ألزم بالقيام ببقية خِصال الإسلام ، ومن ترك الشهادتين خرج من الإسلام] .
وقد فرض الله علينا اعمال قليلة و أقصد الواجبات العينية التي تجب عل كل مسلم ، ليس فيها مشقة بليغة و لا حرج .
أولاها : فرض علينا صلاة ننُاجي فيها الرب سبُحانه ، نسأله الخير و نعوذ به من الشر ، هي خمس . فنصلي ركعتين بعد طُلوع الفجر و قبل طُلوع الشمس فتُسمى تلك صلاة الصبح ، فإن دخلنا الزوال صلينا أربع ركعات فتلك صلاة الظهر ( فإذا ما حضرنا يوم الجمعة أصبحت تلك الصلاة اثنتين تسبقُهما خطبتين و تُؤدى في المسجد و هي واجبة على الرجال دون النساء ) ، ثم أخرى فهذه صلاة العصر ، فإذا ما غربت الشمس أتينا بثلاث ركعات فتلك صلاة المغرب ، فإذا ما جن الظلام ضوء النهار صلينا اربعا فتلك العِشاءُ لا العَشاء .. فهذه خمسٌ لا يزيد وقتها مُجملة النصف الساعة ، و ما عداها يُعتبر نفل . و هُناك صلاة العيدين ( الفطر و الأضحى ).. تُسبق فيها الصلاة و مقدارها ركعتين لتليها الخُطبة وواجب حُضورها .
ثانيها : إخراج قيمة من المال لا تزيد ولا تقل عن ( 2.5 % ) الذي فضُل عن نفقات النفس و العِيال لا يكون المُسلم بحاجة إليه مدّة سنة كاملة و كان قد بلغ النصاب المحدّد شرعا . يُؤدّيها للفقراء و المساكين لا يحسّ هُو بثقلِها ، و يكون فيها عون بالغ للمُحتاج . و ترسيخ نوع من التضامن بين افراد المُجتمع فلا يشعُر الفقير بغُربة في وطنِه .
ثالثها : صوم شهر في كل سنة من إثني عشر و ذاك يُدعى رمضان . فيه صفاءٌ للنفس ، و راحة للبطن ، و تهذيب للخُلق ، و صحة للجسد .
رابعُها: حج ( زيارة ) البيت الذي ارسيت قواعدُه في مكة المُكرّمة و ذاك يُدعى بـ : ( الكعبة ) مرّة في العُمر لمن استطاع إليه سبيلا و فق آداب و مناسك مُعينّة .
و زُبدة ذلك : [ أننا لا نجد عبادة فُرضت جميع العُمر إلاّ الصلاة ، فالزكاة حوليّة إن توفر المقدار و النصاب ، و الصوم حولي ( شهر رمضان ) ، و الحج عُمري ].. و هذه العبادات واجب عينيّ أي : على كل مُسلم فلا ينوب عنه غيرُه إلا لسبب شرعي باستثناء الصلاة ، فقد تتعجب من أقوال الناس إذا ما دعوتهُ إلى الصلاة فقال لك : - إنك تُصلّي فذاك يكفي - .
و هُناك أعمال يجب على المُسلم أن يمتنع عنها وفق ماجاء به نص الوحيان : ( الكتاب و السنة ) و ما اجمع عليه العُقلاء . و كل الأعمال السيئة الظاهرة التي يجب على المُسلم اجتنابُها حتى لا يعيب عنه الكُفّار اينما تواجد سُلوكه ، فقد تكون أخلاقه سببا في إسلامهم . و كل طريقة تدل على أخلاق اهلها ، و الله هو الهادي إلى دينه الحق .
هذه صوُرة مُختصرة عن دين الإسلام بل هي عُنوان له لأنه دينٌ لا يُمكن أن نتاوله في كلمات فاسألوا عنه كُتب الرجال، فما يتسع لها المقال . فمن غاص في بحره لرأى العجب العُجاب و لذاق لذّة لم يذُق مثلها من اللذّات و لا يكون هذا إلا بتوفيق من الله خالق البريّات سُبحانه تقدّس في عُلاه . فإن قصرت في شيء فاعلموا أن ما ذاك إلا لضيق وقتي . فإن أصبت فهذا بفضل ربّي ، و إن أخطات فذاك من نفسي .
في امان الله .