منتديات المحترف
مرحبا بك عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة
المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات المحترف
مرحبا بك عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة
المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
منتديات المحترف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فن - إسلامى - أحدث الالعاب - البرامج - الشروحات - الأفلام - المسلسلات - الكارتون - الأغانى - كليبات - الأخبار - الرياضة - ترفيه - علوم - أحداث البورصة ....
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
/ للإقتراحات والشكاوى برجاء زيارة قسم ( الشكاوى والاقتراحات ) هنا //.

 

 يوميات الاخت المسلمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ultras
المدير العام
المدير العام
ultras


ذكر عدد المشاركات : 776
نقاط التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 13/12/2008

يوميات الاخت المسلمة Empty
مُساهمةموضوع: يوميات الاخت المسلمة   يوميات الاخت المسلمة Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 09, 2010 1:54 pm

يوميات الاخت المسلمة 443631

أخواننا الأعزاء..
من منا ليس له أحلام يطمح إلى تحقيقها؟ و نحن في مقتبل العمر، تكون
احلامنا كبيييرة وطموووحة و المعوقات تكون أكبر...

لكننا نتطلع إلى غد جديد مشرق لا تحد الصعوبات من عزائمنا




مــــرام ،فتاة في مثل عمركن،لديهاأحلامها و طموحاتها الخاصة لديها نظرتها
المميزة للحياة، وأفكارها المتعطشة للحرية و الانطلاق . لديها ابتسامتها
الحلوةو تفاؤلها معين لا ينضب...

و لكن لديها أيضا دينها وعقيدتها لديها التزامها و عباداتها...




أدعوكن إلى مشاركتها أحلامها عن طريق اليوميات التي سنقرؤها

معاسنتعلم منها، من تجاربها، من أخطائها و نجاحاتهانؤيدها أوننصحها...

نقف معها أو نثنيها عن عزمهاو نفضفض معا عن أحلامنا الخاصة أيضا...




تعالين ندخل إلى عالم مرام...

الحلـــــــقة الأولـــــــــــى

ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ


اسمي مرام، في العشرين من عمري،

طالبة في كلية الطب البشري...

دخلت عالم الكلية مند سنتين، فتغيرت أشياء كثيرة في حياتي,

هل كبرت؟؟

ربما! لكنني واثقة أن النضج الفكري ليس له علاقة جد وثيقة بالسن...

ربما حصلت تحولات في حياتي و هو ما جعلني أحس بالاختلاف

نعم، تغير المحيط

تغير الأصدقاء و الأصحاب

فقدت البعض و كونت صداقات جديدة...

الحياة لا تتوقف و العمر يمضي...

لكن ليس كل هدا مادعاني إلى كتابة مدكراتي!

صحيح أن كل تفاصيل حياة مهمة و لها قيمتها الخاصة بالنسبة إلي

فأنا أرى أن كل شخص مميز بالفطرة، لأن الله عز و جل خلقه مختلفا عن غيره من البشر
لدا فكل فرد استثنائي بمجرد وجوده و اكتسابه لكينونة مستقلة و...

يبدو أنني سأبحر في الفلسفة

دعونا نعود إلى موضوعنا...

اممم، ما الدي دعاني إلى كتابة مدكراتي؟

نعم...

إنه إحساس مختلف بنفسي...

إحساس بكوني قد ألعب أدوارا هامة في مستقبل بلدي و أمتي...

ليس أن أكون محط الأنظار و حسب، لكن أن يكون لي تأثير في الناس من حولي

أن أصنع تغييرا في حياة كل من يلتقي بي

جميل أن تدرك قيمة نفسك، لكن الأجمل أن ينضاف إليه إحساس غيرك بقيمتك...

هدا لا يعني أنه لم يحس أحد بقيمتي حتى اللحظة!!

فأنا محبوبة من أهلي و إخوتي و رفيقاتي و أساتذتي و و و...

لكن، ماهي إضافتي إلى كل هؤلاء؟؟

اليوم، اليوم فقط أحسست بأنني قادرة على الإضافة

شعور يملأني سرورا و يملأ كياني حتى ما عاد يضاهيه شعور آخر

إحساسي بأن الله يستخدمني لخير عباده و لا يستبدلني...

هل جربت هدا الإحساس؟

جرب و لن تندم...

---------------------------------------------------------------
ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ



كنت دائما أتطلع إلى أن أكون دات نفع للآخرين

لكنها ظلت أفكارا نظرية أكثر منها تطبيقية إلى حد... إلى حد يوم من الأيام

فنحن تقريبا طوال دراستنا نأخد من الجميع و لا نعطي شيئا!

نأخد من آبائنا و أمهاتنا، وقتهم و جهدهم و مالهم و حنانهم و رعايتهم...

نأخد من الأساتدة و المعلمين و المدربين طاقاتهم و معرفتهم...

و صبرهم و سعة صدورهم

كما نأخد من الطبيعة من حولنا ثرواتها الطبيعية، و نلقي بفضلاتنا فيها (ليس نوعا من العطاء المستحب )

و نقول في كل يوم : أريد أن أكون إيجابيا!!


أما آن لهذه الشعارات التي نتغنى بها، كشباب مثقف، ليلا و نهارا دون أن
نبدي حراكا، أن تتحول إلى واقع، إلى حقيقة ملموسة، فنعطي شيئا؟؟


و الحقيقة أنني لم أكن أختلف عن الجميع في التشدق بالشعارات البراقة، و
إلقاء الكلمات الرنانة على أسماع زميلاتي، فينظرن إلى فصاحتي و أفكاري
الإبداعية بإعجاب ثم أنظر إلى نفسي و أقول : كفاك نفاقا!!

إلى أن جاء يوم...


كان ذلك مند حوالي أسبوعين، كنت جالسة في المكتبة
العمومية، أطالع مجلدا ضخما من المصطلحات الطبية المعقدة، التي لم أتعود
عليها بعد..

. حين تناهى إلى مسمعي أصوات تتحدث بصوت عال غير بعيد عني.

رفعت رأسي في انفعال واضح : يا عالم ياناس، أريد أن أركز!!

ألا تكفيني المعادلات المعقدة و التركيبات الغريبة التي أكتشفها كل
يوم في جسمي، فتشعرني تارة بالغثيان و تارة بالفزع و أخرى بالدهشة و
الحيرة أمام عظمة الخالق، ليأتي بعض المشوشين و يفسدوا علي محاولاتي
المتكررة و غير المجدية للتركيز !!!!

طبعا لم تنبس شفتاي بكلمة مما ورد سابقا، بل اكتفيت بالعض على شفتي و التمتمة في حنق : لا حول و لا قوة إلا بالله!!

التقطت أدناي كلمات استرعت انتباهي، فما لبثت أن تركت ما بين يدي، و نسيت
أصلا أي مصطلح كنت بصدد المراجعة، و رحت أتابع الحديث باهتمام...

كانت الفتاتان تجلسان غير بعيد عني، مما جعل الحوار مسموعا تماما من حيث أجلس...

كان الحزن الشديد باديا على إحداهما، و كان في صوتها غصة، تغالب دموعها بصعوبة فيخرج صوتها مبحوحا...

ـ ... المرض في وضع متقدم، و الطبيب يقول أنه إن لم تجر العملية في أقرب وقت فحياتها ستكون مهددة!!

ـ يا حبيبتي يا نهى، شفى الله أمك و عافاها! إن شاء الله بعد العملية
ستكون بخير، لا داعي للقلق، و احمدي الله أنكم اكتشفتم المرض قبل فوات
الأوان...

ـ المشكلة ليست هنا يا حنان! المشكلة أن العملية بااااهظة الثمن جدا!! و
لن يكون في مقدور أبي أن يوفر ثمنها بسهولة... و أنت تعلمين أن مصاريف
الكلية ليست بالقليلة عليه، و مصاريف إخوتي الصغار أيضا... أبي مهموم جدا
هاته الأيام، حاله النفسية أسوأ من وضع أمي الجسدي، إحساسه بالعجز يقهره!
كما أنه لا يجد من يقرضه المبلغ...

تنهدت الفتاتان في حرقة...

و سرحت ببصري للحظات و قد استولت علي حالة من الدهول
أين الإيجابية يا مرام؟؟ أين روح المبادرة؟؟

و وجدتني أقف فجأة وسط القاعة بحركة مفاجأة أوقعت الكرسي و جعلت كل العيون تتوجه نحوي في دهشة
فنظرت حولي في خجل، ثم جمعت أدواتي على عجل و خرجت من القاعة لا ألوي على شيء...

إنها فرصتك يا مرام... فرصتك ليستخدمك الله فلا تضييعيها...
------------------------------------------------------



ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ


خرجت من قاعة المكتبة و قد اعتملت في دهني أفكار كثيرة...


أولا : من واجبي كمسلمة مثقفة واعية ... أن أفعل شيئا لمساعدة الأخت نهى في مرض والدتها

ثانيا : أنا لا أعرف نهى هذه، و لا أعرف كيف يمكنني أن أساعدها!!

ثالثا : أنا في حيرة من أمري و لا أدري من أين أبدأ، لكن يجب أن أفعل شيئااااااا

رابعا : يجب أن أحل النقاط الثلاث الأولى قبل المرور إلى غيرها

دخلت إلى غرفتي و أنا لم أكف طوال الطريق عن التفكير...

مع أن مندوبا رسميا عن ضميري المهني، أقصد الدراسي، كان يحاول أن يفسد علي
هدوئي و يحول نظري إلى المجلد المرمي على الفراش بين الفينة و الأخرى
ليدكرني باختبار بيولوجيا الخلايا بعد يومين

لكنني شخص يعرف أولوياته جيدا

و أعلم أن المجلد لن يضيع إن انا تركته مهملا على فراشي بعض الوقت، في حين أن حياة والدة نهى في خطر محقق...

وجدتها!!

طرت إلى حاسوبي و تسمرت أمامه لبضع دقائق، و أصابعي تعالج الأزرار تارة، و
تقرص على الفأرة تارة أخرى و عيناي مشدودتان إلى الشاشة أتابع نتاج عملي
في رضا...

دخلت أمي إلى الغرفة، فناديتها في حماس لتنظر إلى الشاشة

كنت قد انتهيت من إعداد القصاصة الاعلامية...


(( المسلم للمسلم رحمة...
إخوتي، إحدى زميلاتنا بالكلية تمر بظروف قاهرة و في حاجة إلى تعاونكم لانقاد والدتها من الموت...
ندعوكم إلى التبرع جميعا بمبالغ صغيرة من مصروفكم اليومي علنا نسد من حاجتها جزءا نثاب عليه في الدنيا و الآخرة...))



و في خلفية القصاصة لم أنس أن أضع صورة لأم تحضن ابنتها و الدموع على
خديهما... تعبت كثيرا حتى عثرت على الصورة المناسبة على شبكة الأنترنت

ابتسمت أمي وقالت :

ـ من هي هذه الفتاة؟

ـ نهى...

خمنت أمي قليلا في حيرة...

ـ هل حدثتني عنها من قبل؟

ابتسمت و قلت :

ـ ليس كثيرا، و لكننا سنصبح مقربتين أكثر في الفترة القادمة...

لم يبد على أمي أنها فهمت الكثير، لكنني عاجلتها قبل أن تخرج من الغرفة

ـ أظنني في حاجة إلى زيادة صغيرة (أقصد كبيرة نوعا ما ) في مصروفي لأقوم
بطبع القصاصات و توزيعها على الزملاء في الجامعة، ثم للمشاركة بمبلغ صغير
في الحملة!!


----------------------------------------------------------



ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ


التقيت صديقتي و أختي في الله راوية أمام باب الكلية...

نظرت في فضول إلى حزمة الأوراق التي أحملها و سألتني مشيرة إليها

ـ هل توزعين منشورات يامرام؟! هل جننت؟؟! ممنـــــــــــــــــوع في الكلية!!

ـ اششش... ليس الأمر كما تظنين، أنا في مهمة!

ـ مهمة؟؟

ـ و في حاجة إلى مساعدتك أيضا... سنقوم بوضع المنشورات في أدراج الطلبة، لا نريد أن يلحظنا أحد...
ضحكت ساخرة و قالت

ـ كيف تريدين أن لا يلاحظك أحد و أنت تحملين هاته الرزمة؟

انتبهت حينها إلى حقيقة الوضع، فأخفيت القصاصات في حقيبتي الدراسية، و مددت واحدة لراوية لتفهم الموضوع...

ـ أفهم من القصاصة أنك تنوين جمع مبلغ من المال لمساعدة إحدى الطالبات لمعالجة والدتها...
هززت رأسي موافقة و ابتسامة تعلو شفتي

ـ لكنك في نفس الوقت لا تريدين ان يلاحظك أحد و خاصة صاحبة الموضوع...

ـ نعم...

ـ لكن إلى من سيقدم المتبرعون المبلغ!؟؟ فالقصاصة لا تنص إلى الطرف الدي يجمع المال!!!!

صحيييييييح

يا لذكاء حبيبتي راوية

ـ لست أدري ما كنت سأفعل من دونك يا راوية!

أنت أروع صديقة في الدنيا!!

نمر إذن إلى النقطة الرابعة :

رابعا : نحتاج طرفا موثوقا منه يلعب دور الوسيط لجمع المبلغ

خامسا : يجب أن يكون معروفا في الكلية حتى يقصده الجميع بدون تردد

سادسا : علينا استئدانه قبل توزيع المنشورات ليكون على علم بالعملية...


ـ ما رأيك في الدكتورة منى؟ إنها محبوبة من الجميع، و مكتبها معروف حيث تستقبل الطلبة، و لا أظنها تمانع


قبلت صديقتي الحبيبة راوية في امتنان و قلت :

ـ هيا بنا نكلم الدكتورة منى!!

كانت الدكتورة منى بالفعل في مستوى تطلعاتنا و تقبلت المهمة بترحاب كبير و
كانت أول المساهمين بمبلغ محترم حتى انها تكفلت بتوزيع عدد من القصاصات
على الأساتدة و الدكاترة لحثهم على المساهمة في الحملة...

انتظرنا بداية الحصة، حيث دخل الطلبة إلى قاعات المحاضرات، و لم يبق أحد
في الساحة، فانطلقت رفقة راوية بسرررررعة إلى مكان الأدراج، و رحنا نرمي
بالقصاصات داخل الأدراج بسرعة البرق... فعلينا أيضا أن نلحق المحاضرة

الحمد لله، انتهينا، فلننتظر النتيجة الآن..

--------------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ

جلست في قاعة المحاضرة و انامشغولة البال...

يا الله... كم سيكون عدد المتبرعين يا ترى؟
كم سيكون المبلغ؟
يا لحظك يا مرام... كلما تبرع واحد كانت لك حسنات إضافية دون أن ينقص من حسناته شيء!!


((الدال على الخير كفاعله))

و أنت دللت على الخير و شجعت عليه...

ما أحلى الاحساس بالإيجابية..

. ما أحلى إحساس الفرد بانتمائه إلى المجموعةما أحلى الأخوة في الإسلام، حيث لا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه...

و وجدتني أعانق راوية في سعادة ناسية أننا في قاعة المحاضرة

ـ مرام!!

هل جننت؟؟ الناس ينظرون إلينا! أنت مثيرة للشبهات... ماذا دهاك؟؟ـ أحبك في الله يا راوية!!

نظرت إلي كمن ينظر إلى مجنون يخشى ردة فعله العصبية

ـ أحبك الله الذي أحببتني فيه، لكن ما لزوم العناق في قاعة المحاضرة؟؟

ـ التعبيرعن الحب ليس مرتبطا بمكان و لا زمان هزت كتفيها في يأس

ـ لا حول و لا قوةو لا بالله... أرجو أن تشفي بسرعة من مرض الحب المفاجئ
لأنني لا أريد أن أتعرض إلى المزيد من المواقف المحرجة بسببك وقفنا في وسط
الساحة نراقب جموع الطلبة بعد أن عثر كل منهم في درجه على القصاصة
الإعلامية، و قد تجمع بعضهم في حلقات يتناقشون المسألة...

اقتربت منا سهير، طالبة في الصف الرابع و هتفتـ هل قرأتماالقصاصات؟

جميل...

الآن ستذهبان أمامي إلى مكتب الدكتورة منى...

هيا، هيا بلاتأخير!! الجميع يجب أن يشارك... إنها حالة إنسانية...

ثم انطلقت إلى المجموعات الأخرى المتفرقة في الساحة تحثهم على التبرع، و
بالفعل كان عدد منهم يتوجه إلى المبنى المقابل حيث مكتب الدكتورة منى...

نظرت إليها و على شفتي ابتسامة سعيدة...

إنها تنال نصيبها من الحسنات هي الأخرى، الحمد لله أنها لاتنقص من حسناتي شيئا و لا من حسنات المتبرعين...

ـ كم أحبك في الله ياسهير...

نظرت إلي راوية مبهوتة و تنهدتـ يا إلهي، ها قد عادت إليها حمى الحب!!


تم جمع المبلغ، و قد ساهم الكثيرووون و خلال أيام قليلة تمكنت أم نهى من إجراء العملية...

لم أكن إلى جانب نهى حين تسلمت المبلغ من الدكتورة منى و هي في غاية
التأثر و الحيرة، لكنني أتخيل دموعها التي كانت تسيل على خديها بغزارةفي
عدم تصديق..

. فتسيل دموعي في فرح حقيقي أنا و بكل فخر صنعت الحدث بتوفيق من الله
تعالى و الله إنه شعور لا يعادله شعورأن يستخدمك الله لتيسير شؤون عباده
اللهم استخدمني و لا تستبدلني و وفقني إلى ما تحبه وترضاه...

اليوم كنت في زيارة والدة نهى رفقة بعض الأخوات...

جميعنا لمتربطنا بها صداقة سابقة... لكنها الأخوة في الله فالحمد لله على نعمةالإسلام...

إنها الخطوة الأولى...

لقد أيقنت بأنني قادرة على أن اكون فاعلةو إيجابية في محيطي، و لا تزال أمامي خطوات كثيرة لتحقيق الحلم...

تمت الحلقة الأولى بحمد الله



عدل سابقا من قبل ultras في الثلاثاء فبراير 09, 2010 2:42 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nomore.hooxs.com
ultras
المدير العام
المدير العام
ultras


ذكر عدد المشاركات : 776
نقاط التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 13/12/2008

يوميات الاخت المسلمة Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات الاخت المسلمة   يوميات الاخت المسلمة Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 09, 2010 1:58 pm

الحلــــــــقةالثــــــــانية


ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ


مثل كل فتاة مسلمة أحلم ببناء بيت مسلم متين البنيان


أحلم بالزوج الصالح، و الذرية الصالحة و الوئام و الانسجام...

أحلم برجل يملأ حياتي بهجة، أكون له أمة مطيعة فيكون لي عبدا ملبيا...

يعينني على طاعة الله و يأخذ بيدي إلى الفردوس الأعلى...

يااااه، أيقظوني، فإنني قد أغرق في مثل هذه الأحلام، أحلام اليقظة!!


كانت هذه الأحلام تراودني، و لازلت، مذ وعيت أهدافي في الحياة و حصرت محاورها.

و كان يوم... أحسست فيه أن أحلامي قاب قوسين أو أدنى مني...

كان ذلك منذ بضعة شهور، كنت في قاعة المكتبة

(غريب أمري، كأن كل مذكراتي تبدأ في قاعة المكتبة!! أرأيتن كم أن العلم
يفتح الأبواب، واظبن على الذهاب إلى المكتبة العمومية و ستتغير حياتكن إن
شاء الله، مثلما تغيرت حياتي...)

كان في الكلية عدد من الطلبة الأجانب،

بعضهم فلسطينيون و لبنانيون مسيحيون.

بل أن بعضهم يحاول التبشير في الكلية و دعوة الشباب المسلم إلى
المسيحية. و المصيبة هي أن بعض الشباب المتذبذب يستجيب إلى الدعوة فيغير
دينه، لأنه أصلا لم يكن يطبق الدين الإسلامي على أسس
صحيحة...

و لا حول و لا قوة إلا بالله...


المهم كنت يومها في المكتبة، و كالعادة كانت هنالك أصوات تتعالى بحوار بدا ساخنا...

رفعت رأسي في سخط، ألا يحلو لهم الكلام إلا في المكتبة؟؟ هناك ساحات مخصصة لذلك، كما أنهم يختارون الطاولة المجاورة لطاولتي...

لا بأس يا مرام، صبرا جميلا، و الله المستعان على ما تصفون... كم أحب دعاء سيدنا يعقوب.

لا سبيل إلى التركيز على الجهاز العصبي، أعصابي أصلا لم تعد تستحمل, فلأنظر فيما يتحدثون و هل يستحق الموضوع كل هذه الضوضاء...

انتبهت إلى أن أحد الشباب يتكلم بلهجة لبنانية واضحة... ثم سمعته يهتف بكلمات مثل اليسوع و التضحيات الجسيمة و... لم أعد أحتمل!

وقفت من مكاني إلى حيث تجلس المجموعة، حيث توسط المبشر مجموعة من الشباب و الفتيات يشرح لهم نظريات دينه !!

لم أستطع تمالك نفسي، فاقتربت لأدخل في النقاش :


ـ يبدو أن الحوار شيق هنا... دعونا نستفيد!!

تطلع إلي الشاب في دهشة و قد استفزه منظر حجابي الذي يغطي صدري و كتفي :

ـ أهلا بك يا أختي، إن كنت مهتمة باليسوع، تفضلي و شاركينا!!

ـ بالطبع مهتمة، و إلا لما كنت تركت مراجعتي و انضممت إليكم!

أحست المجموعة الجالسة حوله بأن حربا على وشك أن تشب بين الإسلام و المسيحية في ساحة الوغى،


أقصد المكتبة... فأخذ المجتمعون يتسللون رويدا رويدا من الحلقة ليتركوني قبالة الشاب و كلانا يتطلع إلى الآخر في هدوء مستفز...

طيب قمت بمهمتي و فرقت الناس من حوله، الآن يجب أن أنسحب لأنه ليس من
اللائق أن أجلس إليه وحدنا، ثم ماذا سيقال عني أنا المسلمة الملتزمة إن
رآني أحدهم أحادثه؟ أنه نجح في تنصيري؟؟

ـ أظن أنه علي أن أذهب الآن...

رمقني بنظرة فاحصة :

ـ ظننتك متحمسة للحوار، ثم إن لدينا متسعا من الوقت للحديث بهدوء و تروي بما أن المجموعة انسحبت...

أم أنك لا تثقين في متانة حججك، فتفضلين الانسحاب!

إنه يحاول إغاظتي!! اشتعل وجهي، و تصاعدت الدماء إلى رأسي و هممت بأن...
و لكن...
------------------------------------------------



ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ


هممت بأن أصرخ في وجهه و ألقنه درسا في احترام الدين الإسلامي ...

لكن مرت بذهني فجأة آية كريمة أحبها :


((لو كنت فظاغليظ القلب لانفضوا من حولك)) و ((وجادلهم بالتي هي أحسن))...

فأخذت نفسا عميقا للسيطرة على انفعالي ثم قلت في ثقة :

ـ ليس من خلق رسولنا الكريم أن يرد على استفزازات المشركين، و نحن نسعى إلى أن نكون على خطاه،

لذلك لن أرد عليك ...

كما أنني آسفة لأنه يجب أن أنصرف فليس من خلق الفتاة المسلم أن تجلس
لمجادلة الرجال دون حياء، لكن إن شئت يمكننا أن ننضم جلسة نقاش يحضرها
الشباب المسلم لتبادل الأفكار...

حينها سمعت صوت من خلفي يقول في صلابة و حزم :

ـ أنا أول المشاركين في الجلسة إن شاء الله!

التفتت دهشة إلى مصدر الصوت... رأيته واقفا أمامي، تقدم بكل هدوء و سحب مقعدا ليجلس قبالة الشاب اللبناني و هو يقول :

ـ اعذراني إن قطعت حواركما، لكنه يبدو شيقا بالفعل، و يهمني أن أشارك...

كان من الواضح أنه استمع إلى قسط من حوارنا.

أحسست بالسعادة... فقد جاءت المساندة!

لم أكن أعرف الشاب القادم بصفة شخصية لكنني أراه كثيرا في المكتبة، و يبدو عليه أنه طالب مجتهد.

يجلس في ركن قصي حيث لا يضايقه أحد، لا يرفع رأسه عن كتبه...

ربما من التركيز الشديد... و ربما غضا للبصر...

تكلم دون أن ينظر إلي بمثل وقاحة الكثير من الشباب اليوم :

ـ بعد إذنك أختي...

سأتكفل بحجز إحدى القاعات، و أضع إعلانا على لوحة الإعلانات حتى يشاركنا كل من يريد أن يدلي بدلوه،
و سأحرص على أن يكون الحوار منظما و حضاريا، دون تبادل الاتهامات المخزية أو استعمال حجة الحنجرة و الاستفزاز...

ما رأيكما في مساء الأربعاء؟

لم نملك إلا أن نوافق و قد بدا أنه سيطر على الموقف تماما...

لكنني كنت سعيدة، ربما لأن الإسلام لا يزال بخير

ربما لأنني كنت في موقف عصيب و وجدت من يقف معي و هو لا يعرف عني سوى أنني أخت في الله
و ربما...

لكن الأكيد هو أنني أحمد الله كثيييييرا لأنني لم أتسرع بالقيام بردة فعل
عصبية كانت كفيلة بإفساد كل شيء في لحظات فتشوه صورة الإسلام و المسلمين

و تضيع فرصة الحوار بين الأديان...

و تجعلني في موقف حرج و فظيع أمام الشاب الشهم الذي أنقذ الموقف...

يوم الأربعاء، يكون بعد غد...

و بالفعل كان الإعلان يحتل صدر اللوحة صباح الغد... و رأيت عددا من الشباب يقفون لمطالعته

و كانت صديقتي راوية متحمسة جدا لحضور الجلسة، و لم تكن تعلم شيئا عن السبب الأساسي لعقدها...
-------------------------------------------------------



ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ


إنه مساء الأربعاء...


وصلت باكرا إلى الكلية رفقة راوية التي بدت في غاية الاستعداد و قد أحضرت معها عددا من الكتيبات الدعوية لتوزيعها على الحاضرين

ما شاء الله على حبيبتي راوية... لا يفوتها شيئا!

لازال أمامي مشوار طويل حتى أكون في إيجابيتها و تفكيرها السليم...

لم يكن هنالك عدد كبير من الطلبة في الساحة... فليس هناك محاضرات هذا المساء...

كنت أنظر في الوجوه، كأنني أبحث عن شخص معين...

كنت بالفعل أبحث عن شخص معين، و قد انتابني القلق...

هتفت راوية منفعلة :

ـ إنها فرصة رائعة أن نتمكن من التحاور مع الطلبة المسيحيين بصفة مباشرة، فكم كنت أتمنى أن تتاح لنا الفرصة مند زمن!

بارك الله في صاحب الفكرة و جزاه عنا كل خير...

هززت رأسي موافقة و لم أنبس ببنت شفة... لاحظت راوية شرودي فهمست :

ـ هل هناك ما يقلقك؟

ـ أنا؟؟ لا أبدا!

لكنني متوترة قليلا، فالحوار لن يكون سهلا، علينا أن نتوقع دفاعا متينا من الطرف المقابل

ـ لكننا أصحاب الحجة الأقوى! لا تخافي، سيقوم الشباب بالواجب...


بدأ المهتمون بموضوع النقاش يتوافدون على الكلية،

ثم فتح أحد الشباب باب قاعة المحاضرات من الداخل، و دعا الجميع إلى الدخول...

أخذنا مقاعدنا في الصفوف الخلفية، حيث جلس الشباب من الأمام.

و امتلأت القاعة شيئا فشيئا... ياااه، الحمد لله على هذا الجمع الغفير...

اللهم وفق الشباب إلى حسن الدفاع عن دينك و تبليغ و لو كلمة عن رسولك الكريم صلى الله عليه و سلم.


ثم رأيت بطلي يدخل من الباب الجانبي يحمل رزمة من الأوراق، و معه شابان
آخران يحملان رزما مماثلة و شرعا في تمريرها إلى صفوف الجالسين.

أحسست بخفقان قلبي يشتد...

ماذا دهاك يا مرام!؟

اهدئي!!

إنه شاب شهم، مسلم و يحب دينه و كفى!

لا تتركي الأحلام، أو بالأحرى الأوهام تسيطر عليك...

فأنت بالكاد تعرفينه!

غضضت بصري،

و انغمست في قراءة الورقة التي وصلت إلي يدي بعد أن انتشرت الأوراق على الحضور...

كانت تشرح بأسلوب بليغ و حضاري أهداف اللقاء، و تؤيد حرية التعبير عن الآراء بما في ذلك الدين،

و تضمن للجميع حقهم في المشاركة...

---------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ


سمعت صوته عبر مكبر الصوت يفتتح اللقاء...

كان عدد من الشباب يقف على المنصة منهم المسيحي و منهم المسلم، و قد تعرفت بالفعل على الشاب اللبناني الذي التقيته سابقا في المكتبة


و كعلامة على احترام الرأي المخالف كان الشاب اللبناني أول المتكلمين!

تكلم بطلاقة و هدوء... تحدث عن السلام و حب الآخر، و عن دعوة المسيح إلى الائتلاف...

ثم تكلم شاب ثان مسلم عن الإله الواحد و معنى التوحيد في الإسلام و مخالفة المسيحية لمعنى الألوهية...

و بدأ الحاضرون من الجلوس يطلبون الكلمة، كل يشرح عقيدته و يرد على حجة الطرف الآخر دون تعصب أو غضب...

كنت أنظر إلى إخوتي المتكلمين باسم الإسلام بفخر و اعتزاز لانتمائي إلى هذا الدين و هذه الأمة...


إنني حقا خجلة من نفسي... رغم ما أدعيه من ثقافة دينية و معرفة عميقة
للشريعة الإسلامية، فإنني لا أجد الحجة المناسبة في الوقت المناسب!!

بل إنني أتوه عندما يوجه إلي أحد المسحيين سؤالا، فالجواب يبدو لي بديهيا
و لا أجد سبيلا إلى إيصال المعلومة التي باتت حقيقة بالنسبة لي لا تقبل
النقاش!!!

ربما لأنني لم أهتم يوما بفهم وجهة نظر الطرف المقابل، لا أحاول أن أجيب
على أفكاره و قناعاته بقدر ما أعمد على السخرية منها و اعتبارها أقاويل
مفروغا من تفاهتها...

لكن ما رأيته في اللقاء من سعة صدر و تفهم و احترام للحجج المخالفة كان درسا بالنسبة إلي حول كيفية الأخذ بزمام الحوار...


خاصة حين تكلم بطلي...

تكلم بهدوء و موضوعية، محاولا إيجاد نقاط الالتقاء بين الآراء التي وقع
الإدلاء بها سابقا، ثم متعرضا إلى نقاط الاختلاف الجوهرية و إلى التكملة
التي جاء بها الإسلام بالنسبة إلى النصرانية...

و إلى نقاط التحول التارخية التي جمعت الديانتين، مستندا إلى تصريحات بعض
المسيحيين الذين أسلموا و ما عرضوه من نقاط ضعف في الدين المسيحي ...


و وجدتني فجأة أطلب الكلمة...

وقفت وسط الحضور و تناولت مكبر الصوت لأتحدث عن ما أعرفه من مطالعاتي و البرامج الثقافية التي أشهادها.

تحدثت عن يوسف إيستس Yusuf Estes ،

المبشر النصراني الأمريكي الذي أسلم بعد أن اقتنع بهشاشة دعوته،

و تفرق مذاهب قومه و بني ديانته السابقة حين اصطدم بمتانة حجة الإسلام و سلامة القرآن من التحريف...


و وجدتني أتطوع لنسخ محاضراته و مد كل من يرغب في الاستماع إليها بها...


حين أنهيت كلمتي، كنت ألهث من الانفعال.

جلست، فعانقتني راوية في فرح :

ـ لقد كنت رائعة يا مرام!!

ـ حقا؟!

ـ نعم!!! لقد تكلمت بثقة و اتزان، و كانت العيون مركزة عليك، لقد أحسنت ختم اللقاء!

--------------------------------------------------------
ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ



انتهى اللقاء الممتع على أحسن ما يرام، و خرجت رفقة راوية تعلو وجوهنا ابتسامة عريضة...

الحمد لله

ـ كانت فرصة مميزة...

ـ نعم، أرجو أن نعيدها مرات و مرات...

ـ لاحظت أن عددا من الحاضرين ليسوا من الملتزمين!

ـ معظمهم جاء للاستماع و الاستفادة، ربما هداهم الله عبر مثل هذه اللقاءات...

ـ بل أن بعض الفتيات اللاتي طلبن الكلمة لسن من المحجبات، و أجدن الحجاج، سبحان الله... اللهم اهدهن إلى الحجاب و نور بصيرتهن...

ـ اللهم آمين...

ـ هل لاحظت الشاب الذي كان ينظم الحوار و الذي استلم الكلمة في الأخير فأحسن التعبير؟

بوغتت بالسؤال... إنها تتحدث عن بطلي!!

تظاهرت بعد الاهتمام و قلت في غير اكتراث :

ـ عن أي شاب تتحدثين؟ كل الشباب الحاضر كانوا مميزين، ما شاء الله...

ـ نعم، نعم أكيد... لكنني أتحدث عن منظم اللقاء، الذي دخل في البداية و وزع الأوراق


يا إلهي!

إنها كانت ترقبه منذ البداية هي الأخرى!!

معقول؟؟

صحيح أنه شاب مميز، و من الطبيعي أن يلفت انتباه كل الفتيات الملتزمات!

يا لحظي!!!


قلت متظاهرة بعدم المبالاة :

ـ نعم، أظن أنني عرفت عمن تتحدثين...

ما به؟

ـ إنه ابن جيراننا...

و أخته صديقتي، و تأتي إلى منزلنا كثيرا...

و قد فوجئت حين رأيته يشرف على الحوار و يقود الجلسة!

إنه شاب متخلق و مهذب جدا... لا يصافح البنات، و لا يكلمهن إلا في ضرورة...

تصوري أنهم جيراننا منذ أكثر من خمس سنوات و لم نتحدث يوما!

بل إنه حين يمر بي يكتفي بإلقاء التحية و يغض بصره بسرعة، حتى ظننته من النوع الخجول الذي يستحي من أخذ الكلمة...

ففوجئت اليوم بطلاقة لسانه و ثقته العالية بنفسه!


ـ نعم يا حبيبتي راوية...

فالشباب اليوم لا يتورعون عن الوقوف طويلا مع الفتيات و مبادلتهن الأحاديث و الدعابات،

و يسمع ضحكهم من آخر الساحة...

حتى بات الشاب الملتزم يعتبر معقدا...

مثلما تعتبر البنت التي تتصرف بحياء معقدة...

حتى أصبح الكثيرون يتهكمون و يتفكهون بقولهم :

المعقدون للمعقدات، عوض الطيبون للطيبات!!!


قطع علينا حوارنا صوت شاب ينادي برفق من خلفنا :

ـ معذرة يا فتيات، هل لي أن أقاطعكن للحظات...

تسمرت في مكاني، و استدرت ببطء لأكتشف المتكلم...

من يكون يا ترى؟؟

اممم...

كان الشاب اللبناني المسيحي!

غير معقول... ماذا يريد!؟


لم تنطق إحدانا بكلمة من فرط المفاجأة، فأردف قائلا :

ـ آسف على الإزعاج، لكنني سمعتك تقولين في القاعة أنك مستعدة لمد كل من يرغب بأشرطة و خطب المبشر الذي أسلم...

فهل لي أن أحصل عليها؟


عقدت الدهشة لساني، لكنني هززت رأسي علامة الموافقة و تمتمت كلمات غير مفهومة



حين انصرف، تبادلت مع راوية نظرة طويلة ذات معنى ثم انفجرنا ضاحكتين..


تمت الحلقة الثانية بحمد الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nomore.hooxs.com
ultras
المدير العام
المدير العام
ultras


ذكر عدد المشاركات : 776
نقاط التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 13/12/2008

يوميات الاخت المسلمة Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات الاخت المسلمة   يوميات الاخت المسلمة Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 09, 2010 2:01 pm

الحلقـــــــــةالثـــــــــالثة


ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ


هذه المرة لم أكن في المكتبة العمومية...

إنها فترة التمرين، أقضي معظم يومي في المستشفى، أقوم بأعمال الممرضات في أغلب الأحيان...

ماذا أفعل؟

لست بعد في مقام الأطباء...

يا رب وفقني و صبرني على السنوات المتبقية!!

لم أعد أطيق الانتظار خاصة حين أرى معاملة الأطباء اللاإنسانية للمرضى هنا!!

شيء لا يصدق...

الأطباء، و الممرضون الذين من المفروض أن يكونوا ملائكة الرحمة،

يعاملون المرضى بقسوة و لا مبالاة...

قد يقضي المريض يومه بين توجع و أنين دون أن يهتم به أحدهم أو يعيره أدنى اهتمام...

يا الله، هل سأصبح مثلهم في يوم من الأيام؟؟

يقولون أن الاستماع المستمر إلى الصراخ و الأنين يجعلك لا تسمعه و لا تحس
به، كأنه جزء من السنفونية اليومية التي تعزفها الحياة حولك!!

هل التعود على آلام الآخرين يدفع بالقلوب إلى القسوة و التحجر؟؟


حين دخلت للمرة الأولى إلى قسم الأطفال المعاقين، لم أتحمل المشهد...

دمعت عيناي، و تراجعت، لم أستطع أن أحتضن الطفلة التي كانت عند قدمي تمد
إلى يديها لأرفعها، لأنها وقعت عن فراشها و هي مشلولة القدمين لا تقوى على
الوقوف...


ثم رأيت الممرضة التي رافقتني، تحملها بحركة سريعة، كأنها ترفع صندوقا خشبيا...

و تعيدها إلى مكانها في عنف واضح، و تولي عنها دون أن تحاول الكشف عن الأضرار التي لحقتها عند السقوط...

و تعالى بكاء طفل آخر في أقصى القاعة...

أحسست بقشعريرة...

هل خلقت فعلا لأكون طبيبة؟؟

أنا لا أتحمل تألم الآخرين أمامي...

فكيف سأقوى على تضميد الجراح العميقة و خياطتها؟؟

كيف سأجري العمليات المعقدة و أفتح البطون و أعبث بمحتويات الأجساد؟؟


رمقتني الممرضة و أردفت مبتسمة :

ستتعودين...

كلنا كنا مثلك في البداية، لكن بطبيعة العمل ستصبح أشياء عادية بالنسبة إليك.

نعم؟؟؟؟

أصبح مثلكم، قاسية القلب، عديمة الرحمة؟؟

شكرا يا حبيبتي!!

أفضل أن أبقى على حساسيتي، على أن أفقد أسمى ما في الإنسان :

مشاعره الإنسانية!!


خرجت من القاعة بسرعة، حتى لا أفقد أعصابي...

و... فجأة اصطدمت بشخص ما، إذ لم أكن مفتوحة العينين تماما...

و قد استغرقني التفكير في مستقبلي المهني

التفت مرتبكة لأعتذر من الشخص الذي تسببت في إيقاع دفاتره و بعثرة أوراقه على الأرض...

و... انعقد لسان من المفاجأة...

غير معقول!!

من؟؟

إنه هو!

هو بشحمه و لحمه و لا أحد غيره!
------------------------------------------------------------------------



ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ



سارع بالانحناء ليجمع أوراقه، قبل أن أهم أنا بجمعها...


انتظرت حتى فرغ من إعادتها إلى مكانها، لأقول بصوت خفيض و متلعثم :

ـ آسفة... لم أنظر أمامي...

لكنه قاطعني بابتسامة مؤدبة :

ـ لا عليك أختي...

ثم قال متفكرا بعد أن استقام في وقفته

ـ ألست الأخت التي شاركتنا في لقاء الأديان مند أسبوعين؟

إنه يذكرني!!

غير معقول!!

اهتز قلبي من الطرب...

سأرقص في مكاني!!

غضضت بصري بسرعة و قلت في حياء :

ـ نعم، لقد كان لقاء رائعا، و التنظيم غاية في الإحكام، كما كانت الكلمة الأخيرة مؤثرة بالفعل...

اتسعت ابتسامته و هو يقول :

ـ أردت أن أشكرك لأنك بمبادرتك أتحت للجميع فرصة التعبير عن آرائهم،

و أنا أولهم،

فقد كنت أخطط لمثل ذاك اللقاء منذ فترة لكنني لم أجد الفرصة المناسبة...

صمت للحظات،

ريثما همهمت بكلمات غير مفهومة لأنفي عن نفسي أي فضل، ثم أردف قائلا :

ـ كما أشكرك جزيل الشكر على الأشرطة التي انتشرت في الكلية،

حتى وصلني أحدها، فقد وجدت فيها الكثير من الحجج التي أعجز عن العثور عليها في أي مرجع آخر،

لأن الرجل يتكلم من وجهة نظر المسيحي ثم يرد من وجهة نظر المسلم، إنه لشيء رائع حقا...


أحسست أن وقفتنا طالت أكثر مما يجب،

و الممرضة توشك على الخروج في إثري.

لاحظ أنني تطلعت ناحية الباب فقال :

ـ أنا آسف، لأنني آخذ من وقتك، لكن لم تتح لي الفرصة سابقا لأشكرك...

و إنها لفرصة طيبة أن أراك هنا...


يا إلهي...

أحس أن لوني تحول إلى الأحمر القاني...

وجهي سينفجر... النجدة!!

ـ هذا من لطفك يا أخي...


ـ على العموم، أنا أقوم بتربص لمدة شهرين هنا...

إن احتجت إلى أية مساعدة، تجدينني في المكتب المقابل...

أعلم أن تجربة التمارين الأولى قد تكون مرهقة...

كما أنني أمتلك بعض المراجع التي قد تفيدك...

ثم استطرد ضاحكا :

ـ على الأقل أكون قد رددت جميلك...


ابتسمت بدوري، ثم حييته باقتضاب و انطلقت إلى غرفة التحاليل...

--------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ


أطلب منه المساعدة؟؟

مستحيل!!

ليس لأنني أترفع عن طلب المساعدة من أحد...

لكنه شخص غريب...

لا يكفي أننا التقينا مرتين أو ثلاثة قبل الآن لأسمح لنفسي بمبادلته الأحاديث!

لكنها فرصتك يا مرام...

من الواضح أنه معجب بك، و قد شكرك بنفسه، و هو يعترف لك بالفضل في قيام الملتقى...

نعم،

إنه يشركني على مساهمتي و حسب...

لذا لا يجب أن أبحر كثيرا في أوهامي...

أو أن أسمح لأحاديثي معه أن تتجاوز حدود اللياقة و الاحترام

حادثة اليوم ليست مسوغا لإقامة علاقة صداقة أو أيا كانت!!

أنت هكذا تغلقين الأبواب جميعها...

اتركي له الفرصة،

لا تعطي المسألة أهمية أكثر مما تستحق، و دعي الأحداث تسير بطبيعتها...

على أية حال، أمامك أسبوع كامل تقضينها معه في نفس المستشفى و قد تسمح بعض الفرص لتتحدث فلا تنفري منه!


آخ رأسي!!

تعبت من التفكير...


ـ مرام، هلا أتيت إلى هنا...

سارعت إلى الطبيبة التي كانت تدخل امرأة قد بدا عليها الإنهاك إلى غرفة الإنتظار

ـ قومي بفحصها، ثم خذيها إلى غرفة الأشعة، لتصوير الجمجمة...


اقتربت مسرعة من السيدة و تناولت ذراعها لتتوكأ علي، إذ كانت تتحرك بصعوبة
بادرتها و أنا أجس نبضها :

ـ ما الذي حصل معك؟

ـ وقعت من أعلى السلم، فأصبت في رأسي...

دقات قلبها ضعيفة...

الحاله لا تبشر بخير...

تحسست موقع الإصابة التي توقفت عن النزيف.

ثم سارعت أقيس ضغط دمها...

الحالة خطرة بالفعل!!

أجلستها على السرير في قاعة الفحوصات ثم انطلقت إلى الطبيبة مسرعة :

ـ دكتورة...

حالتها خطرة، لا يجب أن تتحرك، بل يجب أن تخضع إلى عملية في الحال...

دقات قلبها ضعيفة جدا و مستوى ضغط الدم ينذر بهبوط حاد...

أشك في نزيف داخلي...


قاطعتني الطبيبة في صرامة :

ـ قلت لك خذيها لتقوم بصور الأشعة...

و لا تحاولي أن تلعبي دور الطبيبة، فما تعلمته في الكلية يبقى مجرد نظريات مقارنة بالتجربة و المعاينة...

لذا أطيعي أوامري!

ـ و لكن...

ـ مرام!

عدت إلى قاعة الفحوصات على مضض. كانت السيدة تشعر بدوار، ساعدتها على الوقوف و أنا أقول محاولة رسم ابتسامة مشجعة على وجهي :

ـ سيكون كل شيء على ما يرام، سنذهب معا إلى قاعة التصوير بالأشعة، استندي علي...

تفضلي من هنا...

وقفت السيدة مترنحة و بدت ذراعها مرتخية و هي تقول :

ـ هل مازال وليد في الخارج؟ طلبت منه أن يحضر لي قطعة من الحلوى لأنني أحس بالضعف...

ـ من هو وليد؟

ـ إنه ابني، و قد أحضرني إلى هنا بالسيا...

لم تتم الجملة، بل انقطع صوتها فجأة و ارتخت ذراعها تماما، لتسقط على الأرض بلا حراك

لم أتمالك نفسي أن صرخت :

النجدة...

--------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ


لم أعرف ما الذي يجب أن أفعله أمام هول المفاجأة...

لبثت المرأة مسجأة أمامي، للحظات قبل أن يهرع "فتى المواقف الصعبة" لنجدتي بعد أن سمع الصرخة المدوية التي أطلقتها...

سارع بحمل السيدة على ذراعيه دون أن ينبس بحرف، تبعته إلى قاعة الفحوصات، حيث قام بمعاينتها بسرعة و خفة قبل أن يهتف في جزع :

ـ نحتاج إلى إنعاش سريع...

إنها تموت!!


شهقت في هلع...

كان عدد من الممرضين قد تجمع في القاعة على إثر البلبلة التي حصلت في القسم،

و وجدت الطبيبة التي أصرت على قيامها بالصور تقف أمام الباب و قد حاكى و جهها وجوه الموتى من اشتداد الاصفرار...

سارع البعض إلى تجهيز غرفة الإنعاش و صعقات الكهرباء،

في حين تابع المنقذ محاولاته اليائسة بالضغط المستمر على صدرها...

ثم ما لبث بعد عدة محاولات أن رفع رأسه في أسى،

ليواجه العيون المتسائلة في وجوم :

ـ فات الأوان... لقد فارقت الحياة...


تملكتني نوبة من البكاء الحاد، لم أستطع السيطرة عليها

أول مرة أرى شخصا يموت أمام عيني...

خاصة أنه كان بإمكاني إنقاذها…

كنت أحس بأسى شديد، و قلبي يتقطع من الحزن…

يا إلهي… اغفر لي يا رب…


جاء رئيس القسم بسرعة و على وجهه تكشيرة مخيفة، و نادى الطبيبة المشرفة، ثم بعد لحظات عاد ليناديني إلى مكتبه!

تبعته في رعب شديد و أنا بالكاد أرى الطريق أمامي بعد أن صارت الرؤية ضبابية بسبب الدموع

مررت على الممرضين الواقفين أمام القاعة و سمعت بعضهم يهمس :

ـ مسكينة، لم يمض على وجودها في المستشفى أيام قليلة و ها قد تسببت في وفاة إحدى المرضى!


لم أستطع أن أرد، بل ارتفع نحيبي ثانية بعد أن أفلحت في السيطرة عليه بصعوبة شديدة


أنا لم أقتلها… لم أقتلها!!


ليس ذنبي، صدقوني!!


جلس رئيس القسم خلف مكتبه و أخذ يلهو بالقلم بين أصابعه في عصبية واضحة، ثم أشار إلى الطبيبة التي كانت تقف إلى جانبي قبالة المكتب…

ـ أخبريني إذن، ما الذي حصل بالضبط؟؟

ابتلعت الطبيبة ريقها بصعوبة و قالت :

ـ جاءت المصابة في حالة يرثى لها،

و قد كان من الواضح أن إصابتها في مستوى الرأس بليغة،

لذلك طلبت من الطالبة تحت التمرين… مرام،

أن تقوم بمعاينتها و جس نبضها…

فأكدت لي أن ضغطها طبيعي و نبضها لا يصل إلى مستوى حرج…

اتسعت عيناي من الذهول…

ما الذي تقوله هذه المرأة؟؟

إنه الكذب عينه!!

هممت بأن أفتح فمي لأحتج، لأدافع عن نفسي…

صحيح أنني مبتدئة، لكنني أطبق ما أتعلمه و أبذل قصارى جهدي…

إنها أمانة يا ناس، أمانة يا عالم!!

أرواح الناس أمانة بين أيدينا و ليست لعبة!!!

لكن الطبيبة قاطعتني ثانية لتقول :

ـ لا يمكن أن نحاسب طالبة في الصف الثاني على خطأ مماثل…

لكن من الضروري أن نضع الطلبة من الآن فصاعدا تحت المراقبة الصارمة،
لتجنب أخطاء فظيعة قد تودي بحياة البشر، فأرواح الناس ليست لعبة!!

تملكني إحساس فظيع بالضياع…

أحسست بأنني وحيدة، و مستضعفة، و مظلومة…

يا الله رحمتك!

استندت على الحائط حتى لا أسقط…

لم أسمع بقية ما قيل، بل استيقظت على صوت رئيس القسم الأجش يأمرني بالانصراف…

-------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ



خرجت من القاعة و قد أوشكت أن يغمى علي...


كانت الجموع لا تزال في الخارج،

ينتظرون خروج الشاة الذبيحة لتكتمل فرجتهم المسلية. لبثت عيونهم معلقة بي، و أنا لا أقوى على الحراك...

يتهامسون و يتمتمون دون أن يوجه أحدهم لي الكلمة

ألم شديد في رأسي و صدري

رحمتك يا رب...

ثم سمعت صوت باب المكتب يفتح ثانية، ثم صوت الطبيبة بجفافها المعتاد :

ـ مرام، اتبعيني!

رفعت رأسي بصعوبة، ثم تبعتها بخطوات يائسة إلى مكتبها...

دخلت، فأغلقت الباب خلفي و دعتني لأستريح على كرسي...

تمنيت أن أتهالك على الكرسي، لكنني تجلدت و رفضت شفقتها، و هي التي اتهمتني زورا و بهتانا...

لم تعر رفضي للجلوس اهتماما بل أنشأت تقول :

ـ اسمعيني يا مرام،

مثل هذه الحادثة كان من الممكن أن تؤذي بمستقبلي المهني...

و لا أظنك ترضين لي ذلك...

ثم أنت يا صغيرتي لازلت طالبة تحت التمرين،

و لا تؤاخذين كثيرا بأخطائك،

و لن تتحملي أية مسؤولية لأنك لست مؤهلة بعد للعب دور الطبيبة...

و أرواح الناس؟؟

من يتحمل مسؤوليتها أمام رب العالمين؟؟

لا أصدق أن الدناءة قد تصل بالإنسان تجاه أخيه الإنسان إلى هذه الدرجة...

كيف يسمحون لمثل هذه الوحوش القاسية بالقيام بدور ملائكة الرحمة!!

أين الضمير المهني؟؟

بل أين المشاعر الإنسانية؟؟

حسبي الله و نعم الوكيل...

يبدو أنها استشهدت منذ زمن في المستشفيات على أيدي عديمي الشفقة، فلم يبق لها أثر...

كانت هذه الخواطر تمر بذهني، دون أن أنطق فأنا أعلم أنه لا فائدة من كلامي...

فمن مات قلبه فلم يعد يتأثر بموت البشر أمامه، هل سيتأثر ببضع كلمات لوم و تأنيب؟؟

تابعت الطبيبة بعد استراحة صغيرة ريثما أستوعب كلماتها :

ـ أظنك متعبة من كل ما حصل اليوم، لذلك يمكنك المغادرة...

و لا داعي للعودة في الغد...

سأسعى لنقلك إلى مستشفى ثانية في أقرب فرصة حتى تنهي تمرينك دون أن تعكر ذكرى حادثة اليوم مشوارك...

نعم بالطبع، يجب أن أختفي فوجودي يهددها...

إنها تخشى أن أحدث أحدا بحقيقة ما حصل...

مدت يدها لتصافحني في برود :

ـ شكرا لتفهمك، و بالتوفيق...

خرجت من مكتبها و أنا بالكاد أحافظ على هدوئي حتى لا أنفجر...

عدت إلى قاعة الفحوصات حيث أخذت أجمع أوراقي و أدواتي بسرعة و عصبية...

تطلعت إلى الخارج عبر النافذة. إنها تمطر بشدة، و البرق يمزق رداء السماء...

رحمتك يا رب...

لبست معطفي و خرجت...

الحمد لله أنني جئت بسيارة أمي اليوم،

و إلا لما تمكنت من العودة، فمحطة الحافلة على مسافة ليست بالقصيرة عن المستشفى، و مع الأمطار الغزيرة كنت سأصاب بنزلة برد حادة.

قطعت المسافة حتى الموقف راكضة تحت المطر...

ركبت السيارة، أدرت المحرك و انطلقت.

كان المستشفى في منطقة شبه نائية، أقيم زمن الاستعمار.

المحيط جبلي، و الطريق وعرة قبل الوصول إلى الطريق السيارة.

ارتجفت و أنا أستمع إلى صوت الرعد الذي هز أرجاء المكان...

سبحان الذي يسبح الرعد بحمده و الملائكة من خيفته...

كانت الطرق خالية و مخيفة،

لمحت في المرآة العاكسة سيارة أخرى تسير خلفي...

إنها قادمة من المستشفى أكيد...

فلا يوجد أي مظهر من مظاهر الحياة في الاتجاه الذي أتيت منه.

مع أن الدوام لم ينته بعد، من يكون غادر المستشفى في مثل هذا الوقت؟

تابعت سيري بسرعة منخفضة لأن الطرق أصبحت زلقة...

فجأة ارتفع صوت منبه السيارة التي تتبعني...

يبدو أنني أعطل حركة المرور...

زدت في السرعة قليلا، لأصل بسرعة إلى الطريق السيارة...

لكن السائق عاد ليرفع صوت منبهه ثانية

هل سرعتي لا تزال غير كافية؟؟

دست مجددا على مزود السرعة...

فأحسست بأن السيارة تفقد توازنها...

ضغطت على الفرامل قليلا...

ثم فجأة أحسست بأن السيارة تغوص إلى الأسفل!!

و المحرك يتوقف بعد أن ارتجت السيارة بي ارتجاجا شديدا...

لقد وقعت في حفرة!!!

حاولت إدارة المحرك من جديد، و ضغطت على مزود السرعة في محاولة يائسة للخروج من الحفرة، لكن بدون فائدة...

كدت أن أنفجر باكية، لولا أنني في نفس اللحظة سمعت صوت طرق على باب السيارة!

كانت الرؤية قليلة الوضوح...

لكنني تبينت ملامحه و قد تبلل شعره و تساقطت قطرات صغيرة على وجهه!.....

---------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((6))ـــ*×*ـــــــــ


إنه هو، نعم هو!

دائما يظهر لست أدري من أين، ليخرجني من أشدالمواقف صعوبة...

كان يطلب مني أن أفتح الباب...

كنت في مأزق و لم أقدر إلاأن أنصاع إلى أومره...

فتحت الباب بعد تردد قصير، لم ينظر إلي لكنه أفسح ليالمجال و هو يقول في حزم :

ـ انزلي!

أنزل؟؟

ماذا يريد مني؟؟

كنت أنظر إليه في دهشة دون أن أقوى على النطق، فوجدته يمدني بمفاتيح سيارة،

و هو يشير إلى سيارته التي توقفت خلف سيارتي :

ـ خذي سيارتي و عودي إلى المستشفى!

آخذ سيارته؟

لم يبد عليه أنه يمزح...

دائما بنفس الحزم و الجدية و العملية.

مددت يدي لألتقط المفاتيح، ثم نزلت من سيارتي و أنا أرتجف...

كنت أنفذ أوامره بدون نقاش،كأنه ولي أمري!

ركضت إلى سيارته، فتحت الباب و جلست أمام المقود.

كان لايزال يتابعني بعينيه و أشار إلي بأن أنطلق عائدة إلى المستشفى.

أدرت المحرك وانطلقت بالفعل...

كان يجب أن أنتبه إلى الحفرة، فقد تفطنت إليها ساعة قدومي إلى

المستشفى و تجنبتها...

لكنني لم أكن مركزة جدا عند مغادرتي كما أن حالة الطقس جعلت الرؤية غير واضحة، فوجدت نفسي في قعر الحفرة تماما!

ماذا سيقول عني؟

أنني متهورة و قليلة الانتباه!

إحساس غريب انتابني.

إنني أقود سيارته!!

ما الذي يحصل معي؟

كنت أجول بعيني داخل السيارة، كأنني في مكان عجيب...

إنها سيارة ككل السيارات، لكنها سيارته...

و أنا أقودها!!

تنبهت إلى القلادة التي تدلى من المرآة الأمامية و عليها دعاء السفر فابتسمت...

سقطت عيناي على كتاب كان موضوع اقريبا من المقود :

كيف تنمي روح المبادرة...

إنه يهتم بالتنمية البشرية أيضا!!

عدد من الأشرطة :

كن إيجابيا للدكتور صلاح الراشد...

يا إلهي، إنني أعشق هذه السلسلة!

وصلت إلى المستشفى بسرعة، لبثت في السيارة لبضع دقائق.

هل أدخل ثانية؟

ستراني الطبيبة و ستعنفني...

ستحاصرني النظرات الفضولية...

لكن هل من المعقول أن أبقى في السيارة...

في سيارته؟

وجدت الحل...
نزلت من السيارة و ركضت إلى مدخل المستشفى.

المكان مغطى بحيث يحميني من المطر،

لكنني لن أضطر إلى مواجهة الأشخاص الذين في الداخل من جديد...

وقفت هنالك أتأمل السماء و الطبيعةالمبتلة حولي،

و المطر لا يتوقف...

مرت الدقائق ثقيلة على قلبي...

خمس دقائق مرت، عشر دقائق، ربع ساعة...

و أنا أرقب الباب الخارجي للمستشفى...

أنتظر عودته بفارغ الصبر

ترى هل السيارة بخير؟

أمي لن تكون جد مسرورة بحماقتي!

و ما أهمية السيارة الآن!

أرجو أن يكون الشاب بخير...

فقد تأخر!

انتابني قلق شديد...

مرت نصف ساعة، ثلاثة أرباع الساعة...

رحت أذرع الممشى جيئة و ذهابا...

وأخيرا، ظهرت سيارة أمي في مدخل موقف السيارات.

ركضت إليها متلهفة...

إلى السيارة طبعا، كي أطمئن على حالها!

كانت الأمطار قد خفت بعض الشيء.

نزل من السيارة وسلمني المفاتيح مبتسما :

ـ لم أكن لأستطيع إخراجها بمفردي فقد غاصت العجلات في الوحل، فانتظرت مرور سيارة أخرى فيها بعض الشبان، فساعدوني..

. آسف إن كنت تأخرت عليك...

و يتأسف على التأخير أيضا!

سلمته مفاتيحه بدوري...

ـ لست أدري كيف أشكرك على ما فعلته معي...

الحمد لله أنك عدت سالما، فقد بدأت أقلق بالفعل...

مراااااام!!

ما الذي تقولينه؟؟

لم أستطع السيطرة على لساني، ياويلي!!!!

احمرت وجوهنا معا و لم يكن ينقصنا سوى موسيقى رومانسية لنرقص تحتالمطر

ـ ستتبللين تحت المطر...

و لا أريد تعطيلك أكثر من هذا...

لكن كوني حذرة هذه المرة...

سيري على مهل.

المطر لم يعد غزيرا و ستكون الرؤية أمامك أوضح.

.. أعلم أن وفاة السيدة أمامك أثرت فيك كثيرا...

و حين رأيتك تخرجين على تلك الحالة،

تذكرت مباشرة الحفرة و توقعت أن تسقطي فيها، فخرجت على إثرك لأنبهك، لكنك كنت تسرعين فلم

ألحقك في الوقت المناسب...

اشتعل وجهي ثانية، من الخجل من نفسي ...

هل يبدو علي أنني متهورة!؟

ـ أقسم أنها لم تكن غلطتي... لقد...

وجدته يهز رأسه مؤيدا، لم يلق علي باللوم! بل قاطعني مطمئنا :

ـ أعرف الدكتورة سعاد منذ مدة، و أعرف لامبالاتها و تكبرها...

ليس غريبا أن تلقي عليك باللوم و تتهمك بأخطائها!

كنت في غاية السعادة...

إنه لا يعتقد أنني المذنبة! الحمدلله...

ـ انتبهي إلى الطريق، و صحبتك السلامة...

صعدت إلى السيارة وابتسامة تعلو شفتي،ابتسامة مسحت عني كل آلام ذاك اليوم ومصائبه...


تمت الحلقة الثالثة بحمد الله



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nomore.hooxs.com
ultras
المدير العام
المدير العام
ultras


ذكر عدد المشاركات : 776
نقاط التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 13/12/2008

يوميات الاخت المسلمة Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات الاخت المسلمة   يوميات الاخت المسلمة Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 09, 2010 2:03 pm




الحــــــــلقةالرابـــــــــــــعة

ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ





اليوم انتقلت إلى المستشفى الجديدة...


ضاعت عليك الفرصة يا مرام!! لن تريه ثانية!!


هكذا أفضل، حتى أركز على التمرين، و لا شيء غيره...


من الغريب أنني لا أعرف اسمه إلى حد الآن!

رغم أننا تحادثنا لبعض الوقت إن أننا لم نتعارف،


كنت في قاعة الفحوصات، أنظف جرح طفلة صغيرة في الذراع، سقطت من دراجتها، حين دخل رئيس القسم.

لم أكن قد التقيته من قبل، لكن وقفته و نظرته المتسلطة توحي بأنه لن يكون إلا هو!


انشغلت بعملي و لم أعره اهتماما.


وقف لبعض الوقت يلقي نظرة فاحصة على محتويات القاعة، ثم سمعته يوشوش لإحدى الممرضات :


ـ من هي تلك الفتاة، هناك... لم أرها من قبل...


كان يقصدني!!


أجابته الممرضة بكلمات لم أسمعها، فهمهم شاكرا، ثم لبث في مكانه بضع لحظات أخرى قبل أن يقرر الانصراف.


لم أكن قد ارتحت لنظراته التي تدل على عدم الحياء، فقد كان يتفحصني كأنني شاة يهم بشرائها...


سار اليوم بصفة عادية، دون مشاكل تذكر، فقد كنت بالفعل قد بدأت التعود على الجروح و الإصابات،

لكنني أفعل ما بوسعي حتى لا أؤلم المصابين، و أخفف عنهم بكلمات رقيقة تدخل إلى قلوبهم الطمأنينة.

و كنت قد ارتحت إلى إحدى الممرضات الشابات التي بدا عليها أنها لازالت
تقدر المشاعر الإنسانية، فكنا نقضي أوقات الاستراحة معا نتبادل الأحاديث...


بينما كنا نتحدث، مر بنا رئيس القسم...


و كالعادة، توقف للحظات يتفحصنا... ثم انصرف!


نظرت إلى صديقتي الجديدة رنا في تساؤل و دهشة فهزت رأسها و قالت :


ـ احذري منه يا عزيزتي، فكلما انضمت ممرضة جديدة إلى الفريق لم تسلم من أذاه...


ـ كيف؟؟ لم أفهم؟


ـ حاولي فقط أن لا تتصدي له بقوة، و عامليه بمرونة حتى لا يستفزك و يتركك في سلام...


لم تضف حرفا على ما قالته بل انصرفت إلى عملها و تركتني في حيرتي...


رحمتك يا رب... فليمر هذا التمرين على خير...


كنت قد أنهيت عملي، ففترة التدريب تقتصر على النصف الأول من النهار، و كنت بصدد جمع حاجياتي،

حين ظهر رئيس القسم ثانية في القاعة، و كان من الواضح هاته المرة أنه يقصدني دون غيري،

فقد نظر إلي مباشرة و قال كمن يعرفني منذ فترة :

ـ آنسة مرام، هلا مررت على مكتبي قبل مغادرتك؟


لم ينتظر ردي، بل سبقني إلى مكتبه. تطلعت إلي رنا في رثاء بين و همست :

ـ كوني مرنة و لا تستفزيه!

تبعته إلى مكتبه و أنا لا أفهم قصدها. دخلت و وقفت بعيدة عن المكتب في انتظار أوامره. جلس خلف مكتبه ثم أشار إلي :

ـ أغلقي الباب و اجلسي...


أغلق الباب؟؟ ماذا يقصد؟؟ يريد أن يختلي بي؟؟ يا ويلي!!


تململت دون أن أتحرك، و تذكرت كلام رنا : كوني مرنة و لا تستفزيه...


طيب سأغلق الباب، لكنني سأكون متحفزة، لن أسمح له بتجاوز حدوده.

لا حظ ترددي فابتسم مشجعا و قال :

ـ لا تخافي...

أغلقت الباب و بقيت في مكاني، فوقف من وراء مكتبه و تقدم نحوي و أردف :

ـ إن كنت لا تريدين التقدم نحوي فسآتي إليك...


اقترب مني أكثر و مد يده ليصافحني!!


المعتوه!! ألا يرى أنني فتاة محجبة؟؟ يعني لا أصاااااافح!!


لا يجب أن أتنازل، و إلا فإنه سيطمع في أكثر من هذا!

نظرت إليه في حزم و قلت :

ـ آسفة يا سيدي و لكنني لا أصافح!

تراجع كالمصدوم، ثم ما لبث أن رسم ابتسامة خبيثة على وجهه و قال :

ـ لا تضعي بيننا حاجزا من اليوم الأول، أنت تعلمين أنني المشرف على تمرينك...

هل يهددني؟ أعلم أنه المشرف على تمريني، و أنا في حاجة إلى شهادة منه على حسن سير التمرين من أجل التقييم العام في الكلية...

يا إلهي...

-----------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ



كان ينظر إلي في تفحص من جديد...


نظراته تؤذيني، و أنا لا أملك أن أفعل شيئا.

كنت قد قررت أن لا أمد يدي، فتجاهلت عبارته الأخيرة و قلت :


ـ اعذرني يا سيدي، و لكن قد طلبتني إلى مكتبك و عندي درس في الكلية... فهل تريد مني شيئا قبل أن أنصرف؟

كان يعجب من جرأتي، لكنه لم يستسلم...

و لم يرحمني...

فجأة وجدته يرفع يده ليحطها على كتفي كأننا أصدقاء قدامى و يقول في تودد مصطنع أثار تقززي :

ـ كنت أريد أن أطمئن عليك و على سير التمرين عندنا...

هل ضايقك أحد...

بتر جملته حين تراجعت إلى الخلف في حركة شبه طبيعية إذ أنني أخذت محفظتي التي كنت قد وضعتها على الأرض و أجبته مبتسمة :

ـ شكرا جزيلا لك يا سيدي...

أنا بخير، و الجميع هنا لطفاء...

ثم أخرجت من محفظتي مطبوعة التقييم، و مددتها إليه قائلة :

ـ كنت أريد توقيعك، في نهاية التمرين على مطبوعة التقييم...

استلم الورقة و رسم ابتسامته الغريبة من جديد و هو يقول :

ـ على العموم مكتبي مفتوح لك على الدوام، إن احتجت أية مساعدة... فلا تترددي

حاولت أن أبتسم، لكنني كنت في غاية الاشمئزاز، فارتسمت ابتسامة بلهاء على وجهي لا تعني شيئا و تمتمت :

ـ شكرا لك يا سيدي...

إلى اللقاء...

و استدرت بسرعة لأفتح الباب و أركض إلى الخارج قبل أن يفكر في مد يده ثانية لمصافحتي...




وقفت في ساحة الكلية، أحدث راوية عن مغامرتي الجديدة في التمرين ثم تنهدت و أنا أقول :

ـ مر بسلام اليوم...

لكنني لا أضمن أن تمر في كل مرة، خاصة أنه يبدو من النوع الشرس الذي لا يستسلم بسهولة...


في تلك اللحظة مر بنا شخص لم أتوقع رؤيته هناك ...

و في تلك اللحظة بالذات...

من يكون يا ترى؟ ...

من تراه غيره؟

نفس الشخص الذي يظهر أمامي في كل مكان و بدون سابق إنذار!

ألقى التحية سريعا و في عينيه ابتسامة، ثم غاب سريعا في الزحام...

أما أنا فرددت التحية بصوت خفيض، و تضرج وجهي حياء فطأطأت رأسي ...

حتى أنني نسيت وجود راوية التي لبثت تحدق في دهشة :

ـ تعالي هنا يا شقية!!

و يبتسم لك أيضا!!

إنها المرة الأولى التي أراه فيها يبتسم منذ خمس سنين!

أخبريني الآن حالا كيف تعرفينه و ماذا بينكما؟؟

أوقفت بصعوبة سيل اتهاماتها، و أوضحت لها بأن قصصت عليها الحادثة التي
حصلت معي في التمرين الأول، لكن متجنبة جميع المواقف المحرجة ... و أنهيت
روايتي قائلة :

ـ أرأيت... ليس هنالك شيء يستحق الذكر!

فوجدتها تشهق بصوت عال و هي تعصرني :

ـ كل هذا و تقولين ليس هناك ما يستحق الذكر؟؟

أعرف عددا لا بأس به من البنات، سيكون من دواعي سرورهن الخلاص منك بأسرع ما يمكن!!

يا إلهي، مع أنني حذفت نصف الأحداث و لم أسهب في وصف ما حدث! ماذا لو أخبرتها بكل الحقيقة؟

ـ بنات؟؟ يتخلصن مني؟ لماذا؟ و من يكن؟

ـ لا تتظاهري بالبراءة! قلت لك أنه لا يتحدث مع البنات، فضلا عن الاهتمام
بهن إلى درجة الخروج وراءهن لإنقاذهن وسط الأمطار الغزيرة...


كانت تصاحب عباراتها بحركات استعراضية مضحكة ثم هتفت ثانية :

ـ لو تسمع سهير بالأمر، ستنتحر المسكينة!

ـ سهير؟ تنتحر؟؟

ـ نعم يا حبيبتي، سهير طالبة الصف الرابع!

إنها معه في نفس الصف، بل إنها زميلته من الثانوية...

و علاقته بها لا تتعدى التحية الصباحية، و المحاضرات و الدروس فقط لا غير!

و هي معجبة به جدا! و لا تفوت فرصة لا تمدحه فيها...

حتى أنها صارت من المقربات لشقيقته الصغرى رغم فارق السن، حتى يتسنى لها زيارتهم في المنزل!

لم أصدق ما أسمع ...

سهير من أول البنات اللاتي عرفتهن في الكلية، و هي مثال البنت الملتزمة الخلوقة و المرحة...

مهذبة و رقيقة و غاية في الجمال أيضا...

كما أنها صديقة أخته و تزورهم في البيت... يعني لا سبيل إلى المنافسة!!

أيقظتني راوية من أفكاري و هي تهزني ضاحكة :

ـ لكن يبدو أنك قطعت أشواطا في أيام قليلة!!

ـ أرجوك توقفي يا راوية، ستفضحيننا... ليس الأمر كما تتصورين، فأنا لا أعرف اسمه حتى!

ـ أين المشكلة؟ اسمه حسام! ها أنت عرفت اسمه، هل يغير في الموضوع شيئا؟

حسام!!

اسم جميل... حسام و مرام! ياااه، اسمه على نفس وزن اسمي!

يا مرام، استيقظي! عدت إلى أوهامك ثانية!

و ماذا يعني إن سمحت لك الظروف بالحديث إليه للحظات؟؟

تنهدت من جديد...

لكن راوية كانت ترسم ابتسامة عريضة... يا لها من متفائلة!

------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ


صرت أتحاشى رئيس القسم قدر الإمكان.

حين أراه قادما أحاول الخروج من القاعة إن كان ذلك ممكنا أو أن أتحدث مع شخص ما أو أنهمك في العمل...

و هو يبتسم لي في كل مرة، ابتسامته الكريهة...

و إذا أفلح في محاصرتي ـ رغم كل المحاولات ـ فإنه يسألني عن سير العمل و يعرض مساعدته كالعادة...
و هو ما كنت في غنى عنه تماااااما!!


مرت الأيام ثقيلة على قلبي...

و أنا أتنهد مع كل نهاية دوام!

الحمد لله يوم آخر، و تنتهي معاناتي...


لم يبق سوى يوم واحد و أغادر هذه المستشفى بلا رجعة...

يا رب!

لم أكن أتوقع أن يكون التمرين قاسيا علي إلى هذه الدرجة...

العمل ممتع، و العلاقة مع المرضى تشعرني بالقرب من الله...

تشعرني برسالتي في الحياة...

لكن الوحوش البشرية...

تضيق علي الخناق، و تفسد علي متعتي...

انتهى يومي الأخير!

قمت بجولة في القسم، أسلم على زملائي و على المرضى.

جمعت أدواتي في محفظتي و هممت بالمغادرة...

لكن،

كان لا بد أن أمر على مكتب رئيس القسم لأستلم مطبوعة التقييم ممضاة من طرفه.

هذا ما تطلبه الكلية!

و ليس لدي خيار...

استعددت ثانية لمواجهته...

ستكون المواجهة الأخيرة بإذن الله،

الحمد لله أنها لن تتكرر...

استجمعي شجاعتك يا مرام، و اذهبي إليه الآن...

طرقت الباب بهدوء و انتظرت إذنه بالدخول...

لم يلبث أن سمح لي.

دخلت و تركت الباب مفتوحا...

نظر إلي مطولا، لم يحاول أن يمد يده.

الحمد لله...

لكنه ابتسم من جديد و قال :

ـ إنك يا مرام فتاة متميزة و مثال للانضباط و الأخلاق العالية و قد سررت حقا بعملك معنا هذه الفترة...

و متأسف لمغادرتك بسرعة!

همهمت بكلمات شكر و امتنان لحسن معاملة الفريق لي...

وقف من مجلسه و تقدم ليقف أمام المكتب ثم دعاني إلى الجلوس برفقته في مقعدين متقابلين أمام المكتب.
ترددت لكنه أردف بلهجة جادة :

ـ أريد أن أحدثك في موضوع هام...

اجلسي أرجوك...

كان الباب ما يزال مفتوحا. طيب، سأجلس...

جلس قبالتي و عقد يديه أمام صدره و قال :

ـ أريدك أن تستمعي إلي جيدا، و أن تفكري في عرضي بجدية...

استر يا رب!

أي عرض سيعرضه علي هذا الشيطان؟!

تنحنح و استوى في جلسته ثم مال إلى الأمام قليل و هو يقول :

ـ عزيزتي مرام، أنا معجب بك جدا...

و قد لفتت انتباهي منذ أول يوم رأيتك فيه هنا.

كما أنه يبدو عليك الحشمة و الخلق الحسن و هو شيء مفقود في بنات هذه الأيام.

و أنا أقدر الفتاة التي تتمتع بخصالك...


طيب، و بعد... إلى أين يريد أن ينتهي؟!


ـ مرام، ما رأيك في أن تتزوجيني؟

صعقت من المفاجأة! كتمت صرخة كادت تفلت من حلقي...


ماذا يريد؟! أن أتزوجه؟! إنه في سن أبي!! ألا يخجل من نفسه؟!


واصل غير مبال بعلامات الدهشة التي ارتسمت على ملامحي :

ـ أنت طبعا تعلمين أن الفتاة التي سيكون من حظها أن تتزوجني ستتمكن من الحصول على التخصص الذي تريد، لأنني من أعضاء لجنة التوجيه...


كما أنها ستعيش في منتهى الرفاهية و السعادة...


و اتسعت ابتسامته لتفتر عن أسنان بشعة، لم تزدني إلا نفورا.


تمالكت نفسي لأقول بصوت خرج مبحوحا :


ـ لكن يا سيدي، أنا أعتبرك في مقام والدي... فأنت ترى أن فارق السن بيننا ليس بالهين!


ـ عن أي فارق سن تتحدثين؟! ألا ترين أنني لازلت في عنفوان الشباب؟ ألعب الرياضة بانتظام، و أتبع نظاما غذائيا ممتازا...


مما يجعلني وافر الطاقة و النشاط!


كدت أنفجر ضاحكة أمام هذا الشيخ المتصابي الذي وقف أمامي كاشفا عن عضلات عضده، في حركة استعراضية!


ـ نعم يا سيدي، و لكن الحقيقة... هي أنني...

لا أفكر في الزواج في الوقت الحالي...


ابتسم ثانية و قال :

ـ نعم، بالطبع، من حقك أن تفكري...

و تتعرفي علي أكثر حتى تقتنعي بي.


ثم مد يده ليقدم لي بطاقته الخاصة :


ـ تجدين هنا رقمي الخاص...

يمكنك أن تتصلي بي في أي وقت شئت...

أخذت البطاقة و أنا أنوي وضعها في سلة المهملات حال خروجي و قلت :

ـ نعم، سأفكر في عرضك...

هل لي أن أسترجع مطبوعة التقييم...

أحتاجها للكلية.

فرد رده المتوقع و الذي لم أستغربه من ندل مثله :

ـ بالطبع يا عزيزتي...

تستلمينها حين يأتيني ردك...

و من الأفضل أن يكون بالإيجاب...

أليس كذلك يا جميلتي؟

إنه الأفضل لكلينا...

-----------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ



انفجرت راويةضاحكة، بعد أن سمعت مني قصتي مع رئيس القسم...


ـ تضحكين؟؟

أنا في مأزق جديد و أنت تتسلين!؟


حاولت راوية جاهدة أن تسيطر على نوبةالضحك التي انتابتها و هي تقول :

ـ حكاياتك عجيبة...

كل واحدة أعجب منالأخرى...

لكن حظك السعيد رماك في هذه المستشفى...

مبروك عليك العريس الهمام...

و أغرقت ثانية في الضحك.

أشحت بوجهي و تمتمت في استياء :

ـنعم اضحكي يا حبيبتي... لست أدري كيف سأخرج من هذه المصيبة الجديدة!

أخيرااستطاعت راوية أن تستعيد جديتها ـ تقريبا ـ و قالت متفكرة :


ـألا ترين أنها فرصة حقيقية...

تتزوجين رئيس قسم مرة واحدة!

فتنتهي كل مشاكلك دفعة واحدة...

لا تحملين هم النجاح من سنة إلى أخرى، ثم التخصص و التعيين...

كله سيسير كأحسن ما يرام!

عامل السن ليس عائقا...

أعرف الكثيرات تزوجن رجالا يكبرنهن بعشرينأو ثلاثين سنة و حياتهم سعيدة، لا يعكر صفوها شيء...

ثم رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم تزوج السيدة عائشة و عمرها تسع سنوات و فارق السن بينهما أهم بكثير ممايحصل معك...

ضربتها علىكتفها في غيظ :

ـ راوية هل جننت؟!

أتقارنين هدا الفاجر الفاسق، عديمالأخلاق برسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم؟!


مادا دهاك يا عزيزتي؟ حتى لو شرب وصفة سحرية تعيدها 20 سنة إلى الوراء فمن المستحيل أن أقبل به!

العيب في الشخص نفسه و ليس في سنه!

هزت راوية رأسها مؤيدة و قالت في دلال

:ـ نعم بالطبع... خاصة حين تقارنينه ببطلك المغوار حسام, فلا سبيل إلى المقارنة!

حسام؟ أين هوحسام؟ لم لا يظهر كالعادة لينقدني؟!

كفاك أوهاما يامرام!

هل صدق خترفات راوية!؟

تنهدت في حسرة


انتبهت على صوت راوية تهمس :

ـ خمني من القادم...

رفعت رأسي و نظرت إلى حيث أشارت...

كانت فتاة تتقدم إلىحيث نقف و على شفتيها ابتسامة وديعة كأنها تحيينا فرددتالابتسامة و تساءلت هامسة :

ـ من تكون؟


ـ إنها شقيقة حسام...


اهتز قلبي فرحا... شقيقته؟


اقتربت منا و حيتنا في رقة..


. ياإلهي، إنها تشبهه حقا, بنفس هدوئه و وداعته.

التفتت إلى راوية و قالت :

ـ ألا تعرفينني بصديقتك؟

تعارفنا في جو مرح،

و تحدثنا لبضع دقائق في مواضيع عامة ثم نظرت دالية أختحسام إلى ساعتها و قالت:

ـ لقد تأخرت على أخي، إنه ينتظرني أمام المكتبة...

إلى اللقاء يا بنات... فرصة سعيدة يا مرام...

ابتعدت خطوات قليلة ثم التفتت :

ـنسيت أن أخبركما...

أخي حسام عرض على إدارة الكلية فتح نادي جديد لتنمية المواهب في مجال الإدارة...

ستكون هنالك دروس في التنمية البشرية من قبل مختصين و دورات ممتعة...

أنتما مدعوتان لحفل الافتتاح بعد غد...

لاتتأخرا

ثم لوحت بيدها و ابتعدت مسرعة...

نظرت إلي راوية و هتفت :

ـ يجب أن ترفضي رئيس القسم!

معقول؟!

هل هي محط صدفة؟! أم...

أمسكت بذراع راوية في شدة وأنا أرجوها:


ـ أرجوك ياراوية، أتوسل إليك يا حبيبتي تعالي معي إلى المستشفى!

لا أريد أن أواجه ذاك المتوحش بمفردي!!

هزت كتفيها دهشة و قالت :


ـ و ما الذي يمكنني فعله من أجلك؟

أتكلم باسمك؟

اعذرها يا سيدي فقد فقدت القدرة على النطق من وقع الصدمة لما طلبتها للزواج!؟

قالت ذلك و انفجرت ضاحكة...


ـ أنا لا أمزح يا راوية، تدخلين إليهو تقولين أنك مبعوثة من طرفي...


أحسن لو تقولين أنك من طرف الكلية و أن الطالبةمرام تأخرت في إرجاع مطبوعة التقييم...


ما رأيك؟


تفكرت راوية قليلا ثم قالت :

ـ و هل تظنين من الصعب عليه أن يموه و يقول بأنه سيرسل المطبوعة لاحقا؟

أو يتصل أصلا بالمشرفين على التمارين في الكلية...

فقد يكونون منأصدقائه فيتلاعب...

لا لا يا مرام، يجب أن تواجهيه بنفسك و ننتهي من الحكاية مرة واحدة...

يا إلهي... ألهمني الصبر والثبات...


تنهدت فيتسليم، فأردفت راوية مداعبة :

ـ ما رأيك في تأجيل العملية إلى ما بعد حفل الافتتاح...

ستكون نفسيتك قد تحسنت و قد اكتسبت مناعة جديدة لمواجهة الموقف...

حدجتها بنظرة صارمة...

إنها لا تتعب من مشاكستي...


خاصة أن الموضوع يروق لها...


و بالفعل ذهبنا إلى حفل الافتتاح أولا...


وصلنا مبكرتين كالعادة...


و لم يكن الضيوف قد بدؤوا بالتوافد.

لمحت عن بعد دالية تقف رفقة سهير.

طبعا، فهي صديقتها المقربة! لكن ما إن رأتنا دالية حتى ركضت إلينا لتحيينا...


ـ كنت أعلم أنكما لن تضيعا الفرصة!


فأومأت راوية برأسها قائلة :

ـنعم، أكيد فمرام من المهووسين بميدان التنمية البشرية و لديها مختلف الموسوعات قدالتي تتصورينها...

أشرطة و كتب و محاضرات... و جعلتني أدمنمعها!

ثم انفجرت ضاحكة و ضحكت دالية، و قد احمر وجهي من الخجل !هداك الله يا راوية... تريد أن تجعل مني موضوع الحديث!


ـ لحظة سأعود إليكما...


جرت دالية إلى الجانب الآخر من القاعة، فتبعتها بعيني ثم لكزت راوية في بطنها :

ـ ما الذي تفعلينه؟

ـ أخدم مصالحك يا ابنتي!

الشاب أرسل أخته لتتعرف عليك و تأتيه بمعلومات عنك...

فيجب أن يكون الحديث ثريا بحيث يحصل على ما يريد في أقصر وقت ممكن!

ـ إنها افتراضاتك يا راوية!

أنت من يقول أنه أرسلها في حين أن الفتاة تتصرف بكل عفوية... فلا تحملي القصة أكثر مما تستحق!

ـ اسمعي كلامي و لن تندمي...

حتى إن كانت تتصرف بعفوية، إذا أعجبت بك فسوف تتحدث عنك أمامه، فيحصل المراد على أية حال!

دعيني أتصرف...

عادت دالية و عادت راوية تحدثها عن موهبتي في الكتابة، وعن الرياضات التي مارستها، و عن الكتب التي تحويها مكتبتي الشخصية...


سرحت بعيدا عنهما للحظات، حين انتبهت من جديد سمعت راوية تقول ضاحكة :


ـ و أخيراتقدم لها رئيس القسم الذي قامت فيه بتمرينها...

و هي أكيد سترفض لأنه ليس الشخص المناسب لطموحاتها...تحول لوني إلى الأحمر القاني، و قلت مقاطعة الحديث :

ـمتى يبدأ الحفل يا دالية فالقاعة بدأت تمتلئ...

ابتسمت و قالت :

ـتركت حسام مع ضيوف الشرف، أكيد لن يتأخروا كثيرا، بضع دقائق فقط...

سأنظر إن كان بإمكاني المساعدة بشيء ما...

ثم انطلقت من جديد. فأمسكت بخناق راوية و أنا أعنفها :

ـ ما الذي كنت تقولينه؟

هل كان من الضروري إثارة موضوع رئيسالقسم؟!

ـ طبعا يا حبيبتي، ليعلم أنك مرغوب فيك و مطلوبة للزواج و ليس من طرف أي شخص، بل من طرف رئيس قسم!!

فعليه أن يبادر سريعا و إلا فستضيعين من بين يديه!!

نظرت إليها مذهولة فاستطردت :

ـ ألم أقل لك دعي الموضوع علي و سيتم كل شيء كما تريدين...

في نفس تلك اللحظة حانت مني التفاتة، فلمحته يقف غير بعيدعنا!! التقيت
عيوننا لبرهة، فابتسم ابتسامته المعهودة و حياني باقتضاب ثم...

اختفى...

لم أره فيما بعد أثناء الحفل...

فقد كان يشرف على التنظيم و يتنقل باستمرار في القاعة.


انقضى الحفل و انصرفت رفقة راوية...

في اتجاه المستشفى!!

ـ أليس الوقت متأخرا؟ سأذهب غدا...

جرتني راوية بقوة و إصرار :

ـ بل ستذهبين الآن حالا و سننتهي من الحكاية برمتها...

إنها الساعة الخامسة، سيكون في مكتبه...


تنهدت في ألم، لا أريد أن أراه ثانية!!!!

دخلنا القسم...


كانت هنالك حركة غريبة في الداخل...

لمحت رنا فركضت إليها أسألها عم يحصل

ـ هناك زيارة خاصة للقسم من طرف وزير الصحة!!

ـ وزير الصحة هنا؟!


ـ نعم زيارة مفاجأة...


تطلعت ناحية المكتب...


كان الباب مفتوحا.


لمحت عددا من الأشخاص الذين يبدو عليهم الأهمية و الوقار...

ممثلو الوزارة بكل تأكيد

إنها فرصتك يا مرام!!


تركت راوية واقفة عند رنا و انطلقت إلى المكتب...


ـ يا مجنونة... إلى أين تذهبين... انتظري...


تجاهلت نداء راوية و تقدمت إلى أن وصلت إلى الباب.

طرقته بهدوء لأثير انتباه الحاضرين.

التفت إلي الجميع و اشتعل وجه رئيس القسم و بادرني :

ـ أهلا بك آنسة مرام...

ألا ترين أنني في اجتماع مع سيادة الوزير؟!

فأجبته في جدية و جرأة :

ـ آسفة سيدي على الازعاج، لكنني في حاجة إلى مطبوعة التقييم للكلية، فقد تأخرت في ردها...

و المسألة لن تستحق سوى توقيعك سيدي...

نظر إليه الوزير و قال :

ـ لا بأس... و قع الورقة، فليس هدفنا تعطيل المصالح العامة هنا...

تناول رئيس القسم المطبوعة من الدرج حيث حفظها بعناية ووقعها على مضض...

ثم سلمها لي في جفاء :


ـتفضلي...


تناولتها و أنا لا أصدق عيني ووجدتني أبتسم شاكرة و أقول :

ـ شكرا لك سيدي الوزير... دمتم ذخرا للوطن...




تمت الحلقة الرابعة بحمد الله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nomore.hooxs.com
ultras
المدير العام
المدير العام
ultras


ذكر عدد المشاركات : 776
نقاط التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 13/12/2008

يوميات الاخت المسلمة Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات الاخت المسلمة   يوميات الاخت المسلمة Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 09, 2010 2:07 pm




الحلــــــــقة الخـــــــــامسة



ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ






استيقظت اليوم و أنا أحس بألم شديد في منطقة البطن و أسفل البطن...


تمالكت نفسي بصعوبة و جلست في الفراش و أنا أتحسس موضع الألم.



نزلت من الفراش و توجهت فورا إلى الحمام، و الألم يزداد...


فجأة تنبهت إلى أن على ملابسي بقعا من الدماء!


إنه ليس موعد عادتي الشهرية...يوميات الاخت المسلمة 005

ما الذي يحصل معي؟

عدت إلى غرفتي بسرعة أحضرت المنشفة و ملابس نظيفة ثم أخذت حماما ساخنا و أنا لا أتوقف عن التفكير...

لشد ما أقلق من الاضطرابات الصحية!


أخذت حبة مسكن للألم و قررت أن أتجاهل الأمر.


لا عليك يا مرام، إنها حادثة بسيطة...

بضع اضطرابات ثم سيسير كل شيء على ما يرام.


حاولت أن لا أعير المسألة اهتماما.


كنت أتابع محاضرة في نظام المناعة، حين فاجأتني الآلام من جديد...

كانت أقوى هذه المرة. تركت الأوراق جانبا، و عضضت على أصابعي بشدة حتى لا أطلق صرخة وسط القاعة الملأى بالطلبة...


كانت راوية جالسة إلى جانبي، في تركيز تام مع الدكتور المحاضر...


التفتت إلي فجأة لتسألني :


ـ هل سمعت ملاحظته الأخيرة؟


- لم...


ثم انتبهت إلى أنني لم أكن في وضع يسمح لي بإجابتها...


ـ مرام، حبيبتي... ما بك؟ هل أنت بخير؟!


أجبتها من بين أسناني و أنا أتلوى من الألم :


ـ بطني يا راوية، بطني... أحس ألما شديدا...


وقفت راوية فزعة و أخذت بذراعي لتقودني إلى خارج القاعة...

و قد لحقتنا عيون كثيرة، لاحظت خروجنا المفاجئ قبل انتهاء المحاضرة.


دخلت الحمام لأكتشف بقع الدم من جديد...

يا إلهي... ما الذي يحصل؟

شرحت لراوية المشكلة و أنا أغالب دموعي فقالت بحزم :


ـ يجب أن تذهبي إلى الطبيب... سأتصل بوالدتك لتأتي بالسيارة...يوميات الاخت المسلمة 11_15_21%5B1%5D


جلست لأستريح و أنا في غاية الإعياء، في حين سارعت راوية تتصل بأمي و تعلمها بحالتي الطارئة.


ما لبثت أن رأيت سيارة أمي تظهر من باب الكلية، ثم تتوقف غير بعيد عنا في
الساحة. نزلت أمي بسرعة و تركت السيارة مفتوحة... ركضت إلي في هلع شديد و
احتضنتني قلقة :


ـ ما بال صغيرتي؟!


شرحت لها مجددا الأعراض فأخذتني من يدي و قالت :


ـ سآخذك فورا إلى طبيبة الأمراض التناسلية...


لست أدري كم لبثنا من الوقت جالستين في قاعة الانتظار، و أمي تمسح على رأسي في حنان و أنا قد استسلمت للآلام التي لم تتوقف...


جاء دورنا.

استمعت الطبيبة إلى أمي تصف لها الأعراض ثم فحصتني قبل أن تحرر وصفة مكونة من عدد غير قليل من الأدوية ثم قالت :


ـ عليك المواظبة على هذا العلاج مدة شهرين...

قد تلاحظين اضطرابات في الدورة الشهرية في هذه الفترة، لكن لا تقلقي...

تجنبي حمل الأشياء الثقيلة و الوقوف مطولا...

حاولي التمدد و الاسترخاء مرة كل 4 ساعات على الأقل لمدة ربع ساعة...

و إن شاء الله تكون الحالة قد تحسنت حين نلتقي بعد انتهاء العلاج...


نظرت إليها مستفسرة :


ـ لكن ما الحالة يا دكتورة؟ أنا أدرس الطب و يمكنني أن أفهم...


هزت رأسها مبتسمة و قالت :


ـ جميل...

لكنني لا أقدر أن أقول لك شيئا غير أن عمل المبيضين ليس منتظما حاليا...

سنحاول من خلال العلاج أن نعيد النظام إلى طبيعته...

ثم سننظر ما يمكننا فعله...


لم يكن كلام الطبيبة مطمئنا أبدا...


إنها تخفي عني حقيقة الوضع!


يا إلهي...


هل سأحرم من الإنجاب؟!
يوميات الاخت المسلمة Eek

------------------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ



أمسكت راويةبيدي بين يديها و هي تبتسم في رقة :


ـ اطمئني ياحبيبتي، إنها مجرد اضطرابات و إن شاء الله مع العلاج سيكون كل شيء على ما يرام... أرني ابتسامتك الجميلة!


هززت رأسي فيعناد و سحبت يدي من بين يديها و أنا أقول مغالبة دموعي :ـ

لا يا راوية...

الطبيبة لم تشأ أن تخبرني بكل الحقيقة...

أنت تعلمين مثليأن مهنة الطبيب توجب عليه التخفيف عن المريض و عدم تهويل المسألة مهما كانت خطيرة...

حفاظا على روحه المعنوية...

رمقتني راويةفي أسى و قالت :

ـ لكن لا يبدو أن طبيبتنا قد أفلحت في الحفاظ على روحك المعنوية...

كانت الآلام قد خفت بعد أن بدأت أخذ الأدوية...

و كان منالصعب علي حقا أن أتبع تعليمات الطبيبة، نظرا لكثرة الأدوية
من جهة، و المحاضرات المتتابعة التي قد تتجاوز الساعات الخمس من جهة
أخرى...

لكن راوية كانت دائما إلىجانبي، تذكرني بموعد الدواء...

و أمي توصلني بالسيارة كل صباح و أجدها في انتظاريآخر النهار...

يا لهذا الدلال!

كنت واقفة مع راوية في فترة الاستراحة من عصر ذاك اليوم.

فجأة أخذت راوية تشدني من قميصي لتثير انتباهي و هي تهمس :

ـ مرااااام... انظري من القادم!!


التفتت لأراه على قيد خطوات مني...

و ابتسامته المتألقةعلى شفتيه...

كان من الواضح أنه يقصدنا

ألقى التحية،فرددنا ثم ساد صمت رهيب بيننا كأن على رؤوسنا الطير قبل أن يبادر حسام قائلا :

ـ آنسة مرام...

كنت أريد أن أتحدث معك قليلا، لو سمحت... لن آخذ من وقتك الكثير...

وقفت لا أعيما الذي يجب علي فعله، في حين ابتعدت راوية خطوات و هي تقول :

ـ تذكرت...

علي أن أحضر حاجياتي... تركتها في قاعة المحاضرة... لن أتأخرعليك...
ما الذي تفعله هذه البنت؟؟


كيف تتركنيبمفردي معه؟ سوف ترى مني عقابا صارما!!

احمر وجهي بشدة، و وقفت مطأطأةالرأس...

رفعت عيني ببطء... كان وجهه يكاد ينفجر من الاحمرار

ياإلهي!رحمتك يا رب...


ـ آنسة مرام...

اعذريني إن كنت أعرضك لموقف محرج...يوميات الاخت المسلمة 005

لكن كان يجب أن أتحدث إليك قبل أن أقدم على خطوة جدية...

و أخشى أن تكون مشاعري أحاديةالجانب...

لذا أردت أن أعرف رأيك المبدئي...يا إلهي... هذا ما كان ينقصني الآن...

يا إلهي...

كم انتظرت هذه اللحظة، و كم تخيلت هذا الموقف في أحلام اليقظة... يوميات الاخت المسلمة 36_3_1


كم عشتها بكل جوارحي و رأيت نفسي و أنا أهمس في خفر... أنا موافقة! يوميات الاخت المسلمة Image001

كم حلقت مع الطيور و سرحت بين الفراشات و الدنيا لا تسعني...

إنها السعادة التي تمنيتهاإنه الرجل الذي انتظرته...يوميات الاخت المسلمة Sm32

لكن الآن... كل شيء تغير...يوميات الاخت المسلمة Sm15


إنه لا يعلم أنني قد لا أكون قادرة على الإنجاب... قد لا أقدر على إسعاده!!

و لا يمكنني حتى أن أخبره...


و كيف أكاشف رجلا أجنبيا عني بمشاكلي الصحية، بل و بأخص خصوصياتي؟!
أي كلمات ستسعفني لأعبر؟


حبست دموعي التي بدأت تطل من نوافذعيني...يوميات الاخت المسلمة Sm15 و ابتلعت ريقي الذي جف...


ـ مرام... أنا معجب بك منذ فترة...يوميات الاخت المسلمة 050104_emm13_prv

معجب بأخلاقك و تدينك و طريقة تفكيرك و ثقافتك...

و أريد أن أطلب يدك من والدك...

إن كنت موافقة على إنشاء علاقة جدية بيننا...أي موقف يضعني فيه؟!

أي حيرةأعيشها؟!


أي ذنب جناه المسكين حتى أدخله دوامتي؟!


إنه ككل الرجال يطمع في بيت سعيديملؤه الأطفال بضحكهم البريء
...يحلم بولد يملأ عليه حياته...


لكنني قد لا أحقق له أمانيه... بل أكون قد خنت ثقته و خدعته إن وافقت دون أن أكون صريحة معه...

و هو ما لن يسامحني عليه في المستقبل... و لن أسامح نفسي عليهأبدا!لا يجب أن أظل ساكتة، حتى لا يحسب أن السكوت علامةالرضا...


ـ مرام...

يبدو أن صمتي قد طال و قد أخذني حواري الداخلي مع نفسي...


و خرج صوتي أخيرا، مبحوحا مليئا بالألم :

ـ... أنا آسفة...

و لكنني غير مستعدةحاليا...


أحسست بوقع الصدمة عليه...

أحسست بآماله تتبعثر... و أنا التي بعثرتها بكل قسوة...


و أحسست بقلبي يتحطم بين ضلوعي
...يوميات الاخت المسلمة Sm266

----------------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ



لم تصدق راوية أذنيها حين رويت لها ما حصل بعد أن انصرف حسام مكسور الخاطريوميات الاخت المسلمة Ohmy


ـ هل جننتي يا مرام؟؟ كيف تقابلينه بمثل هذه الطريقة؟ يوميات الاخت المسلمة 10


أليست هذه هي اللحظة التي انتظرتها طويلاو تمنيتها من كل قلبك؟؟

كيف تفرطين فيها بكل سهولة؟؟يوميات الاخت المسلمة Image005

و الشاب المسكين، صدمته بقسوةكأنك لا تبالين به!


ارتميت في حضن راوية و قد تدفقت دموعي غزيرة على خدييوميات الاخت المسلمة Sm266


ـ لا تلوميني يا راوية فإنني أتعذب أكثر...يوميات الاخت المسلمة Sm10


ربتت على رأسي في أخوة صادقة و همست :


ـ أنت مجنونة... تعذبينه و تعذبين نفسك و المسألة لاتستحق!يوميات الاخت المسلمة Eek


رفعت رأسي و نظرت إليها بعينين تملؤهما الدموع :


ـ كيف تقولين أن المسألة لا تستحق؟!

كل من يتقدم لخطبة فتاة يتوقعها الفتاة المثالية التي يتمناها... يوميات الاخت المسلمة 36_3_2

و ينتظر منها أن تكون صادقة معه في كل ما يخصهما معا، و خاصة إن كانت غير قادرة على الإنجاب...يوميات الاخت المسلمة Sm90


تنهدت راوية ثانية و قالت :


ـ يا مرام،يا حبيبتي...

من قال أنك ستكونين غير قادرة على الإنجاب؟؟

هذا من علم الغيب و الغيب لا يعلمه إلا الله...يوميات الاخت المسلمة Sm27

ـ و لكن الاحتمال كبيرا نظرا للمرض الذي ألم بي...

ـ يا مرام اسمعيني...

كم من الفتيات السليمات اللاتي لا يشكون شيئا وجدن أنفسهن عقيمات بعد الزواج بدون سابق إنذار...

و كم من عقيم، شفيت بعد طول صبر وتوكل على الله فأنجبت!

كله بتقدير من الله عز وجل...

تنهدت في ألم و قلت في يأس :


ـ ما الذي كان بإمكاني فعله؟

ـ كان بإمكانك مصارحته بالحقيقة...


ـ كيف؟!

لم أكن لأجد الكلمات المناسبة!

الموضوع خاااااص جدا...

لا يمكنني أن أتحدث فيه مع رجل، و أي رجل!! أي نالحياء!؟

ـ كان بإمكانك تبليغه موافقتك، ثم تحدثين أخته بالتفاصيل...

ـ لكنني أخاف من ردة فعله...

أخاف أن يشفق علي و يتغاضى عن الأمر بشهامة منه...

كرامتي ستجرح، لا أحب أن يشفق علي يا راوية!

أريد أن أكون أميرته التي يحلم بها كما أريده أن يكون فارسي...

و أخاف أن يتغاضى الآن...

ثم يفكرمليا، فيعدل و يختلق أسبابا أخرى للانفصال بعد أن أكون قد بنيت آمالاعريضة...

تناثرت دموعي من جديد و أنا أواصل :

ـ و أخاف إن رفض مباشرة...

كم ستكون صدمتي عنيفة...

في الرجل الذي أراه مثالا للشهامة و الأخلاق العالية...

و أخاف أكثر، إن أوهم نفسه بأن مرضي لن يؤثر في قدرتي على الإنجاب...

ثم يحصل ما لا نرجوه...

ارتفع نحيبي هذه المرة...

ـ إني خائفة يا راوية...

قد أفقد الكثير في هذه التجربة...

أفقد الأمل، أواحترامي حسام أو كرامتي...

لذا آثرت الانسحاب...


هزت راوية رأسها في عدم موافقة :

ـ و ما حصل هو أنك اخترت خسارة حسام نفسه! هل هذا ما تعتبرينه أخف الأضرار!؟


لم أعد أدري ما الصواب و ماالخطأ...


يا إلهي رحمتك...


ـ اسمعي...

يجب أن يفهم حسام الموضوع، هل يرضيك أن يعتقدأنك رفضته لعيب فيه؟!

كرامته أيضا جريحة!

خاصة أن فتيات كثيرات ينتظرن الفرصة...

ومن سوء حظك أنك ضيعتها، فقد تقتنصه في لحظات ضعفه و انكساره فتاة أخرى لا تستحقه...

و تكونين قد ضيعته من يدك و ضيعت مستقبل الشاب المسكين في نفس الوقت!!


ـ لا يا راوية... حسام ليس بهذا الضعف!


ابتسمت راوية و هي تحتضنني :

ـ إن لم يكن حسام بهذا الضعف، فهو لن يبني حياته الزوجية و مستقبله على الشفقة...


و لن يترك المجال لأي عاطفية متطفلة لكي تتحكم في قراره...

اتركي له الخيار...

أعطه الفرصة...


أعطيه الفرصة؟


آه ياقلبي...


صراع بين قلبي و عقلي...

قلبي يرجو أن يعطيه الفرصة و يرى الأحلام الورديةأمامه...

و عقلي يرفض بشدة، لا يفسح المجال للآمال والافتراضات...


و تكلمت أخيرا:


ـ و لكنني رفضته يا راوية... كيف أفتح الموضوع ثانية؟!


ابتسمت راوية مطمئنة :


ـ دعي المسألة علي...

نعم، لقد انتصر القلب على العقل...
يوميات الاخت المسلمة Sm72

---------------------------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ







توقفت السيارة أمام الكلية. فتحت الباب و قبلت أمي بسرعة ثم نزلت و هي تتابعني بتوصياتها :



ـ لا تنسي موعد دوائك... انتبهي لنفسك جيدا...


هززت رأسي موافقة و قطعت الشارع.

على الرصيف كانت راوية في انتظاري رفقة... دالية... و على شفتيهما ابتسامتان غامضتان.


اقتربت بخطوات مترددة، و قد فهمت أن وجود دالية مع راوية في انتظاري يعني بالتأكيد أنها تحدثت إليها بشأني!


سارعت دالية بمعانقتي و هي تهمس :




ـ حسام يبلغك سلامه... و يطلب موعدا مع والدك في أقرب وقت...


كان لكلماتها وقع حلو في أذني، رافقه خفقان قلبي بشدة... من الفرحة!



حسام...!!!




يا لعناده!

لقد وافق إذن! ترى ما الذي ما أبلغته به راوية؟!

لكنه يريدني رغم ما سمع...


و رغم كل ما يجهل عني...


يا إلهي... أنت الرحيم بعبادك...

و لكن... هل أستحق...


نظرت إلي راوية في تمعن و قالت :


ـ مرام... ما بك واجمة؟ ننتظر ردك... ألست موافقة؟


اغرورقت عيناي بدموعي الحبيسة و أجبت بصوت خفيض :

ـ بلى... و لكن...

استفسرت دالية في قلق و قد غاضت ابتسامتها :

ـ و لكن ماذا؟

ـ ألا ينتظر حتى أنتهي من العلاج، ثم نتأكد...


ضحكت راوية في رقة ثم قالت لدالية :

ـ إنها تحتاج إلى رأي دكتور في الموضوع... و ليس أي دكتور!

ابتسمت دالية بدورها و تأبطت ذراعي و هي تقول :

ـ أخبريني أولا هل الموضوع الذي حدثتني به راوية هو السبب الوحيد لرفضك؟


طأطأت رأسي حياء و همست في خفر :


ـ نعم!


فابتهجت دالية قائلة :



ـ الحمد لله!

نتكلم في المفيد إذن!

أخي... الدكتور حسام... يخبرك يا آنستي بأن الأدوية التي تتناولينها ليست سوى مقويات و معدلات هرمونية لتنظيم الدورة...

و ما دام المبيضان ينتجان البويضات فأنت يا أختي سليمة معافاة!

و أما عن الإنجاب فهو يقول لك... الذرية الصالحة نعمة من الله، يرزقها من يشاء و يحرمها من يشاء...

و ما الأمراض إلا مسببات!

كما أنه يقول أن الرسول صلى الله عليه و سلم يقول : (الدنيا متاع و خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة)

فإن كانت زوجته صالحة فذاك من رضا الله و كفى!

و هو على كل حال قد استخار قبل أن يكلمك و كان مطمئنا لاستخارته.

فما عليك إلا أن تستخيري أنت أيضا...

و إن شاء الله كل شيء يتم على خير...


كانت كلماتها الرقيقة تمسح الهموم عن قلبي...

لو أن كلامه عن مرضي يكون صحيحا... يا رب!

يا الله! ما أحلى إيمانه بالاستخارة... و كم قلبه عامر بتقوى الله...

((و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب))

أحسست بالصغار أمامه... أين إيماني من إيمانه!؟

كيف أني اهتززت أمام أول ابتلاء ابتلاني به الله تعالى و يئست من الدنيا

و الله تعالى يقول في كتابه الحكيم : (( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))




يا رب أعوذ بك أن أكون من القوم الكافرين... أعوذ بك من ينسيني ابتلاؤك رحمتك


يا رب إني وكلتك أمري كله... و من يتوكل على الله فهو حسبه

يا الله كم أنا في حاجة إلى مزيد من التقرب منك...

اللهم اكتب لي الخير حيث كان ثم رضني به...


انتبهت على صوت دالية تقول مداعبة :


ـ و طبعا إن كنت في حاجة إلى المزيد من التوضيحات، فالدكتور حسام ليس لديه مانع البتة في تقديم الشروح اللازمة في أي وقت شئت!


تضرج وجهي... فتابعت دالية في مرح :


ـ لو رأيت ما فعله بنا حسام في اليومين الماضيين!

أمي كانت ستموت من القلق عليه...

أغلق الغرفة على نفسه و رفض الطعام!

و أخذ يتصرف كالأطفال، لا يرضيه شيء و لا أحد ينجح في رسم الابتسامة على شفتيه...

لكن البارحة، انقلب وضعه كأنه كان يمثل علينا!!

دخلت عليه بالدواء العجيب فقام كمن لا علة به، حملني بين ذراعيه و كاد يلقي بي من النافذة من شدة الفرح!!

لم أر أخي بهذا الجنون من قبل!


أفلتت مني ضحكة صغيرة...

يا لأسلوب دالية المميز!


فهتفت راوية في سعادة :


ـ نعم يا مرام... اضحكي! كفاك بكاء و دموعا...


ثم نظرت إلى دالية و هي تقول :


ـ لو كان حسام اكتفى بالوجوم فمرام أغرقتنا في بحر من الدموع!!


لكزت راوية بمرفقي لتصمت... و ضحكتا معا في مرح...


في تلك اللحظات كان هنالك شخص رابع يقترب من موقفنا، بخطوات بطيئة مترددة...

لم ألتفت... لكنني سمعت دالية تهتف و ابتسامتها تتألق :


ـ أهلا أهلا بالدكتور!


كأنه كان يراقبنا من مكان قريب، و حين اطمأن إلى استقرار الأوضاع قرر الالتحاق بنا!


تقدم منا أكثر حتى وقف بيني و بين أخته، و كل منا يتجنب نظرات الآخر.

حيانا في هدوء و أدب...

ثم بادرني و أن أحس بنظراته تستقر علي بوداعة :

ـ كيف حالك يا مرام؟


رفعت رأسي ببطء شديد، و ابتسامة خجلى ترتسم على شفتي :

ـ بخير... كيف حالك أنت؟

ـ يسرني أنك وافقت أخيرا...


كانت راوية تتأملنا كأننا لوحة زيتية أو المشهد الأخير من فلم رومانسي...

تنتظر أن تكتب ((النهاية)) بخط عريض و على شفتيها ابتسامة حالمة!


قاطعتنا دالية بضحكتها الطفولية و هي تهتف :


ـ نسيت أن أقول لك يا مرام، أنني سأزوركم الليلة مع ماما...

للتعارف و...

ثم غمزتنا في مرح... فاحمر وجهانا دفعة واحدة...

-----------------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ






اللهم إني أستخيرك بعلمك و أستقدرك بقدرتك، و أسألك بفضلك العظيم

فإنك تعلم و لا أعلم و تقدر و لا أقدر، و أنت علام الغيوب

اللهم إن كان في هذا الأمر خير لي في ديني و معاشي و عاقبة أمري
فاقدره لي و يسره لي ثم بارك لي فيه
و إن كان فيه شر لي في ديني و معاشي و عاقبة أمري، عاجله و آجله
فاصرفه عني و اصرفني عنه و اكتب لي الخير حيث كان ثم رضني به...





انتهيت من صلاة الاستخارة...


تناولت المصحف من على الرف و جلست على سجادتي أتلو بعض آيات من ذكر الله الحكيم...


كنت أحس براحة و سكينة تتسللان إلى قلبي...


اللهم إني فوضت أمري كله إليك، و أنت على كل شيء قدير...


سرحت لبضع لحظات...


تذكرت زيارة دالية و أمها لنا منذ أيام قليلة مضت...



كانت الأمسية رائعة بالفعل...


أم حسام كانت في غاية اللطف و الرقة...


و دالية أضفت على الجو طابعا مرحا و مسليا، يا لجمال روحها الطفولية!


و كم تحدثت أمه عنه بفخر! نعم، من حقها أن تفخر بابن مثله...


خفق قلبي في نشوة...


و من حقي أن أفخر بأنه سيكون لي...



تنهدت و خرجت آهة من صدري... يا رب!



غدا أذهب إلى الطبيبة من جديد...



لم أعد قلقة مثلما كنت في البداية، لكنني منقبضة بعض الشيء...


أتساءل لم اخترت أن أكون طبيبة و قلبي ينقبض عند التفكير في الذهاب إلى طبيب!



بل أن سيرة الأطباء لا تعني إلا الهموم و الأمراض و الابتلاءات الصحية و الأزمات النفسية ووو...



لكنها مهنة إنسانية... تتطلب الكثير من التضحيات و حسا عاليا بالمسؤولية.



ابتسمت و أنا أتخيل نفسي طبيبة تمارس مهنتها...


كان الله في عونك يا مرام، حتى تحافظي على ابتسامتك مع كل مريض، و تتحلي بالصبر و تواصلي إتقان عملك من الصباح إلى المساء...


عدت من الكلية مسرعة، كانت أمي ترتدي ملابسها فاستعجلتها



ـ هيا يا أمي... حان موعد الذهاب... هل أخرجت السيارة؟



جاءني صوتها من الغرفة الداخلية :

ـ حالا يا حبيبتي... لا تخافي سنكون في الموعد... ثم إننا كالعادة سنجد
أصحاب المواعيد السابقة في قاعة الانتظار! كان الله في عون الدكتورة فكل
مريض عندها يأخذ أكثر من وقته...



رن جرس الهاتف فرفعت السماعة :


ـ السلام عليكم و رحمة الله...


ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته... كيف حالك يا مرام؟


إنها دالية...


ـ الحمد لله... لدي موعد مع الطبيبة الآن... سنخرج بعد لحظات...



قالت مشجعة :

ـ سيكون كل شيء على ما يرام، لا شيء يستحق القلق...


تنهدت فقالت :

ـ على فكرة، هناك من يسأل عنك باستمرار... و يبلغك سلامه...


لم أره منذ أيام... لم يعد يأتي إلى الكلية كثيرا، فهو يقوم بتربص في الوقت الحالي.


ابتسمت و لم أعلق فواصلت...

ـ و هو يقول لك بأن تتحلي بالثقة في الله...


(صمتت لبضع لحظات ثم واصلت كأن هنالك من يلقنها ما تقول!) و أن الله يبتلي من يحبه... فاثبتي و احتسبي كل لحظة ألم...


اسمعي، سأمرره لك!


سمعت احتجاجا من الطرف الآخر من الخط و كلمات قليلة لم يصلني إلا صداها...


ابتسمت حين جاءني صوته أخيرا في أدب و حياء جمييييل :


ـ السلام عليكم و رحمة الله...


ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته...


ـ كيف أنت يا مرام؟


ـ الحمد لله بخير و عافية... كيف يسير تربصك؟


ـ بخير و الحمد لله... شكرا على سؤالك... كيف معنوياتك؟


ـ مرتفعة إن شاء الله...


ـ رائع... أردت فقط أن أسلم عليك... و أقول لك لا تنسي أن الله معك... و أنني لن أتخلى عنك...


ـ شكرا لك... يا حسام...



كانت المرة الأولى أنطق فيها باسمه...


لو لم يكن على الهاتف لما قدرت أن أنطق بها...

اسم أحس له بوقع خاص على لساني...

و يحمر وجهي بمجرد النطق به، كأنه من لغة غريبة محرمة علي... و أتجاوز حدودي إن تكلمتها!


و أحسست بنفس وقع الكلمة على أذنيه... فقال بعد صمت قصير :


ـ انتبهي إلى نفسك... و إن شاء الله أسمع منك أخبارا سارة هذا المساء...


ـ إن شاء الله...


ـ السلام عليكم و رحمة الله...


ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.


وضعت السماعة و تنفست في ارتياح. كانت أمي تنظر إلي و على شفتبها ابتسامة حانية :


ـ هيا بنا يا عزيزتي...


فحصتني الطبيبة كالعادة و ملامح وجهها خالية من أي تعبير يجيب عن تساؤلاتي ثم قالت طرحت علي


بضع أسئلة حول تطور الأعراض في الفترة الماضية :


ـ ستقومين ببضع صور بالأشعة... ثم تعودين إلي...


خرجنا إلى مخبر الأشعة... و عدنا بعد زهاء الساعة إلى العيادة من جديد...
كنت قد بدأت أقلق. ما لزوم صور الأشعة إن كان كل شيء على ما يرام؟



يا رب رحمتك!

لم أكن متأكدة من قدرتي على قراءة صور الأشعة لكنني أخرجت الصور و رحت أقلبها باحثة عن أي علامة تطمئنني...


أو تؤيد مخاوفي... لكن دون فائدة... و أمي تنظر إلي ضاحكة :


ـ هااا... إلى ماذا توصلت طبيبتنا الصغيرة؟


أعدت الصور إلى مكانها و أنا أزفر في قلق :


ـ لا شيء...


أخيرا دخلنا ثانية على الطبيبة... تناولت الصور و تابعتها بعيون متيقظة و
هي تتأمل الصور واحدة إثر الأخرى باهتمام, ثم نظرت إلي و قد ارتسمت على
وجهها ابتسامة... أخيرا!


ـ الحمد لله على سلامتك...

إن شاء الله تكونين قد شفيت تماما! لم أتوقع أن يؤتي العلاج مفعوله بهاته السرعة...

لكن جميع الأعراض اختفت فأردت أن أتأكد بالصور...

و الحمد لله، كل شيء على ما يرام...


تنهدت في ارتياح... و أردت أن أقول لها :


ليس العلاج يا عزيزتي ما يمنح الشفاء... إنما هو من الأخذ بالأسباب... لكن
الصحة نعمة من الله تعالى يمنحها من يشاء و يحرمها من يشاء...



تمت الحلقة الخامسة بحمد الله








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nomore.hooxs.com
ultras
المدير العام
المدير العام
ultras


ذكر عدد المشاركات : 776
نقاط التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 13/12/2008

يوميات الاخت المسلمة Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات الاخت المسلمة   يوميات الاخت المسلمة Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 09, 2010 2:12 pm





الحلــــــــــقة الســــــــــــــادسة



ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ








ما أن انفردت بي راوية بعد المحاضرة حتى بادرتني و ابتسامة خبيثة على شفتيها :


ـ هاااا... كيف تسير الأمور؟



نظرت إليها في استغراب و أنا أتصنع عدم الفهم :


ـ مادا تقصدين؟ عن أية أمور تتحدثين؟



رفعت حاجبيها دهشة و هتفت :


ـ مرااااام!!! هل ستخفين عني أخبارك مع حسام؟! و أنا صديقتك المقربة منذ زمن بعيد!؟


ابتسمت و قلت :

ـ كان يجب أن توضحي سؤالك منذ البداية... ما أدراني أنك تتكلمين عن حسام!... على أية حال... لا شيء جدير بالذكر...


سكتت للحظات قصيرة ثم أردفت :

ـ غير أنه... تم تحديد موعد مع والدي...



هتفت راوية في استنكار :


ـ و تقولين لا شيء جدير بالذكر؟!! ألف مبروك يا حبيبتي!!



في تلك اللحظة رن هاتفي الجوال... تناولته، و نظرت إلى الرقم الغريب الذي ظهر على الشاشة


ـ من يكون يا ترى؟



ـ أجيبي و ستعرفين...



أجبت في هدوء :


ـ السلام عليكم و رحمة الله...



فوجئت حين أجابني صوت رجل من الطرف الآخر هاتفا :

ـ هاااي مرام! كيف حالك؟


ارتسمت علامات الحيرة و الجفول على وجهي، فتطلعت إلي راوية متسائلة فقلت في تشكك :


ـ عذرا... من المتحدث؟


ـ ألوووو مرام! ألم تعرفيني؟ أنا طارق!



لم يبد لي للوهلة الأولى أن الاسم مألوف لدي ...

ثم تذكرت أن لي ابن عمة اسمه طارق... سافرت عائلته إلى أمريكا منذ سنوات،

و انقطعت علاقتي به تقريبا إلا من مكالمات قصيرة مع عمتي في الأعياد و المناسبات...


ـ طارق؟!... طارق ابن عمتي سهام؟؟


جاءتني ضحكته عالية مستهترة :


ـ نعم... هو بعينه! جيد أنك تذكرتني أخيرا! اتصلت بمنزلكم و أخذت رقمك من والدتك... ما رأيك في هاته المفاجأة؟!



ابتسمت على مضض و قلت :


ـ جميل منك أن تفكر في مكالمتي....



ثم انتبهت إلى نقطة أثارت استغرابي فاستطردت :


ـ لكن الرقم الذي تتصل منه ليس من أمريكا!



ارتفعت ضحكته في أذني بصفة منفرة و هو يقول :


ـ ذاك النصف الثاني من المفاجأة... فقد عدت لقضاء بضعة أيام في البلد... وصلت اليوم صباحا... سأكون عندكم هذا المساء...


ـ هل عمتي سهام و بقية العائلة معك؟


ـ لا لا! جئت بمفردي و سأقضي بضعة أيام عندكم... إن قبلتم استضافتي بالطبع!


و انفجر ضاحكا مرة أخرى!


ـ اشتقت إليك كثيرا يا عزيزتي... أراك هذا المساء... و لك عندي نصيب آخر من المفاجآت ... باي!!!


أغلقت الخط و على وجهي علامات دهشة و استنكار واضحة، فاستفسرت راوية :

ـ ما الأمر؟ ما بك منزعجة؟

تنهدت و أنا أقول :


ـ إنه ابن عمتي... كنا صديقين حميمين قبل سنوات، قبل التزامي يعني... و هو
يكبرني بثلاث سنوات... سافر مع عائلته إلى أمريكا، و لم نتكلم منذ زمن
طويل، و هو الآن قادم لقضاء بضعة أيام عندنا... يبدو أن كلانا تغير... لكن
في اتجاهات متعاكسة!

------------------------------------------------------
ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ







دخلت من الباب الحديقة... فتناهت إلي أصوات صاخبة، ميزت من بينها صوت أخي
ماهر. قطعت الممشى في خطى وئيدة ثم ارتقيت الدرج و قد أخذت الأصوات تتضح
أكثر... يبدو أن طارق قد وصل!


اقتربت من غرفة الجلوس...


ـ السلام عليكم و رحمة الله...


ألقيت التحية فالتفت إلي الحضور. كان طارق يجلس مع كل من أمي و أخي الصغير
ماهر الذي يبلغ من العمر 18 سنة... وقف طارق و نظر إلي مطولا :




ـ مرام؟! واااو... ما الذي فعلته بنفسك؟! لقد تغيرت فعلا...


كان ينظر إلى تنّورتي الواسعة و سترتي الفضفاضة و حجابي الذي يغطي كتفي في شيء كبير من العجب... تأملت بدوري قميصه

و سرواله الجينز "المرقّع" و قصّة شعره العجيبة و قلت :

ـ أنت أيضا تغيرت كثيرا!


كان قد قطع منتصف المسافة التي تفصلنا عندما سمع صوتي أبادر بالتحية، لكنه توقف حائرا ثم قال :

ـ أتوقع أنك أصبحت لا تصافحين مثل أمك خالتي زينب...


ابتسمت و هززت رأسي موافقة و لوحت له من بعيد... الحمد لله أنه استوعب
الدرس دون متاعب! كنا نتفق كثيرا في فترة الطفولة و بداية الشباب، و نفهم
بعضنا جيدا... يبدو أنه حافظ على البعض من قدرته على فهم ما يدور برأسي!


عاد إلى أريكته و هو لايزال يهز رأسه و يمط شفتيه متعجبا :




ـ لم أتوقع أن تتحجبي بهاته السرعة! فأنت مازالت في بداية شبابك و أمامك
الفرصة للانطلاق و التمتع بجمالك... شعرك جميل جدا و طويل على ما أذكر...


طأطأت رأسي في خجل... فقد كنت أتباهى كثيرا بجمال شعري و طوله خاصة في المناسبات العائلية... اللهم اغفر لي...


بادرته أمي قائلة :

ـ ألا تحدثنا عن أحوالكم هناك... كيف أمك و أخواتك؟




ـ بخير و الحمد لله... شكرا على سؤالك يا خالتي... سناء خطبت الشهر
الماضي. تقدم لها شاب من زملائها في الشركة، أمريكي من أصل سويدي... شاب
وسيم و عائلته غنية، كما أنه مهندس ممتاز...


تبادلت نظرات طويلة مع أمي التي سارعت بسؤاله :

ـ و هل هو مسلم؟

تكدرت ملامحه لكنه تظاهر بعدم الاهتمام و هو يقول في حرج، متحاشيا نظراتنا :




ـ الحقيقة لا أعرف شيئا عن ديانته... تعرفين في أمريكا المجتمع لا يضع
اعتبارا لمثل هاته الأمور! ما داما متفقين و منسجمين فذاك هو المهم... أما
المعتقد فتلك حرية شخصية...


اتسعت عيوننا دهشة ... لم أملك أن أعلق، لكن أمي التي بدأ وجهها يحمر سألته ثانية :

ـ و ما رأي سهام و محمود في الأمر؟

ـ أمي و أبي؟ عارضا قليلا في البداية... لكن سناء تأثرت كثيرا برفضهما،
فتدهورت حالتها الصحية و أضربت عن الطعام ثم حاولت الانتحار... حتى وافقا
أخيرا...


لم أكن أصدق ما أسمع... سناء؟! إنها تكبر أخاها بسنة واحدة... لم تكن قد
ختمت تعليمها الثانوي حين سافرت عائلتها إلى أمريكا بسبب حصول عمي محمود
على عقد عمل مغري هناك... كانت فتاة غاية في الجمال... مشاكسة و منطلقة. و
أذكر أن مراهقتها لم تمر بهدوء حين كانت في البلد... لكن يبدو أن حالتها
ازدادت تعقيدا هناك! فقد انقطعت عن الدراسة بعد أن أتمت بصعوبة بالغة
دراستها الثانوية، و التحقت بالعمل كسكرتيرة في شركة مهمة هناك...
سألته أنا هاته المرة :

ـ و كيف حال سارة؟

ـ سارة... إنها متعبة حقا! بعد كل هاته السنين ترفض التأقلم مع الجو في
أمريكا، فهي انطوائية و منعزلة عن أقرانها... و قد لبست الحجاب مؤخرا!
مثلك... العيش في أمريكا يستوجب الكثير من المرونة للاندماج في المجتمع و
بدء حياة جديدة... و إلا فمشاكل كثيرة ستكون في الانتظار!


تنفست الصعداء... الحمد لله أن سارة لم تتغير و حافظت على دينها هناك! فهي
أيضا كانت صديقة مقربة لي. يا حبيبتي يا سارة... لم تستطع أن تتعود على
نمط العيش الذي لم يناسب طبعها الرقيق و الخجول...


التفت إلي ثانية و قال :

ـ كنت قد أحضرت لك بعض الهدايا... انظري...
جذب حقيبته و أخرج مغلفا خاصا و مدني به. فتحته و العيون تتابعني... كان
يحتوي عددا من القمصان الضيقة بدون أكمام ذات الألوان الصاخبة، و سروالا
ذا شكل عجيب لا يمت إلى ما أعتبره "الذوق السليم" بصلة! و عددا آخرا من
الإكسسوارات... أقراط و أدوات لتزيين الشعر... نظرت إليه مبتسمة، فبادرني
قائلا :
ـ أردت أن أفاجئك بآخر التقليعات الأمريكية في عالم الأزياء... لكن يبدو
أنك لا تريدينها، أو بالأحرى لا أظنها مناسبة "للوكك" الجديد...

أعدت إليه المغلف فتسلمه متضاحكا و قال :

ـ لا بأس... يبدو أنه ليس من نصيبك!

كان يبدو عليه الحزن و الأسف لأن مفاجأته لم ترق لي فقلت مغيرة الموضوع :

ـ المهم، طمنا عنك... كيف تسير الأمور معك؟


انشرحت أساريره و هو يقول :

ـ لقد تخرجت منذ سنة تقريبا من كلية التجارة... و قد فتحت مؤخرا مكتبا مع
بعض أصدقائي للاستيراد و التصدير... و الأمور تسير بشكل مرض و الحمد لله...

مرت السهرة في أحاديث عائلية ممتعة و قد استعدنا الكثير من الذكريات
المشتركة التي تضحكنا و تسلينا... لكن قلبي كان منقبضا جراء ما وصلت إليه
حال أبناء عمتي من أثر التغرب و محاولة الاندماج في مجتمع قيمه مختلفة و
أسلوب حياته مختلف...


في الصباح استيقظت كالعادة، و استعددت للذهاب إلى الكلية... ظننت أنني كنت
أولى المستيقظين، لكن حين دخلت إلى المطبخ وجدت طارق يتناول إفطاره و أمي
تقوم بتحضير إفطاري... رفعت

حاجبي دهشة و أنا أحييهما فقال :

ـ تعودت على الاستيقاظ باكرا مذ بدأت العمل... فعلي اغتنام كل لحظة فيما ينفع!


نظرت إليه في إعجاب، ثم تناولت إفطاري على عجل و قمت مغادرة فلحقني قائلا :

ـ انتظريني سآتي معك...


التفتت إليه مستغربة فقال :

ـ أعلم أنك ذاهبة إلى الكلية، سأوصلك ثم أتمشى قليلا في المدينة...


نظرت إلى أمي التي هزت رأسها مشجعة و قالت :
ـ يوما سعيدا لكما...


يا إلهي... كيف سأخرج معه وحدنا و هو ليس من محارمي؟!!

---------------------------------------------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ





خرجت من المنزل في خطوات واسعة و عريضة... أحث السير و أنا لا ألوي على شيء و طارق على إثري يحاول اللحاق بي في سباقي :

ـ مرام... على مهلك... انتظريني...


قلت دون أن ألتفت :

ـ لدي موعد مع صديقتي أمام الكلية... أخاف أن أتأخر عليها... إن كنت تريد التنزه فلا بأس، أراك لاحقا...


لحق بي بسرعة و هو يقول :

ـ لا، لا... يمكنني أن أتنزه فيما بعد... لكن ظننت أنه يمكننا أن نتحدث على الطريق قليلا...


ما الذي يريد أن يحدثني به؟ ألم نتحدث طوال السهرة في الليلة الماضية؟

أم لديه مفاجآت جديدة؟؟


كان يسير إلى جانبي و هو يقول :

ـ ربما تغيّر كل منا في شكله... لكننا في الداخل لم نتغيّر... أليس كذلك؟


تطلع إلي و هو يبتسم... تنهدت و أنا أنظر إلى شكله الذي يثير حيرتي :

ـ آمل ذلك... فإن لم تكن قد تغيّرت إلى الأفضل فمن أخف الأضرار أن لا تكون قد تغيرت...


ضحك بصوت عال و هو يقول :
ـ يبدو أنك حكمت علي بأنني لا يمكن أن أكون قد تحسنّت أو نضجت!!


ثم أخذ يحدثني عن الشهادات التي تحصل عليها، و عن التربصات التطبيقية التي
قام بها في شركات كبرى و كيف أنه اكتسب خبرة يحسد عليها في فترة وجيزة
بفضل حبه لعمله و إتقانه له بل إبداعه فيه...


كان يتحدث بكل حماسة كأنه يعرض علي مشروعا و أنا سأقوم بتمويله... أو
كأنني رئيسته في العمل و هو يحاول إقناعي بجدواه و أهميته!!!... كنت أهز
رأسي بين الفينة و الأخرى... لكنني كنت أفكر في طريقة أتخلص بها من رفقته
قبل الوصول إلى الكلية!


وصلت إلى محطة الحافلات فقاطعته دون أن أدري، لأنني أصلا لم أكن أصغي بانتباه تام لأحاديثه :


ـ أظن أنك ستمتطي الحافلة المتجهة إلى مركز المدينة... أما أنا فكليتي في الاتجاه الآخر. لذا أظننا سنفترق هنا...


ـ لا يهم... سأوصلك إلى الكلية ثم أعود، فعلى أية حال لا أظن المحلات تفتح قبل ساعة من الآن...


جاءت الحافلة فصعدنا. ظل صامتا للحظات كأنه يفكر في العودة إلى حديثه عن
مستقبله المهني الواعد و شركته الخاصة... لكنه عدل أخيرا عن رأيه و نظر
إلي و هو يقول :


ـ مرام... أنت متغيرة من ناحيتي!


نظرت إليه مستنكرة :



ـ أنا؟ متغيرة من ناحيتك؟؟ لم تقول هذا؟ صحيح أننا لم نلتق منذ سنوات
طويلة... لذا من الطبيعي أن يكون كل منا تغير في طريقة تفكيره و نمط
عيشه... أنا مثلا حياتي كلها تغيرت منذ ثلاث سنوات... انطلاقتي مع الكلية
و الحجاب كانت انطلاقة جديدة... اهتماماتي لا أقول أنها شهدت انقلابا
جذريا، لكنني تعمقت أكثر في الثقافة الدينية و تطوير المهارات الذاتية...
من الطبيعي أنني لم أعد تلك البنت المشاغبة و التلقائية... لم تعد
الروايات البوليسية تشغل كل أوقات فراغي و لا الألعاب الرياضية... و قد
يكون مفاجئا أن لا يتغير الإنسان خلال أكثر من 5 سنوات... خاصة في هاته
الفترة من العمر، و هي فترة النضج الفكري و العاطفي... فترة حساسة و هامة
في حياة كل فرد... و من المهم أن يخرج منها و هو واع بما يريد صنعه في
المستقبل... و قد حدد طريقه و أهدافه من الحياة...


كان يستمع إلي في اهتمام ثم ابتسم و هو يقول في حنين :
ـ كنت دائما بالنسبة إلي مرام الصغيرة التي تشاركني الدعابات و المقالب...
و التي أستمتع بالحديث إليها لساعات طويلة... و كنت أتمنى أن أراك بنفس
الروح... لكن يبدو أنني أخطأت التقدير...

ابتسمت بدوري و أنا أقول :

ـ و أنت كنت لي الأخ الأكبر الذي يفهم في كل شيء و يدهشني بأفكاره
المبدعة... لكن الزمن لا يتوقف عند اللحظات التي نحبها... و إلا لما كانت
الذكريات! يكفي أننا عشنا طفولة مرحة و مسلية و بقيت لنا منها ذكريات
جميلة...


نزلنا أمام الكلية... تلفتت باحثة عن راوية، لكن لم يكن لها أثر...
ـ يبدو أن صديقتك لم تأت بعد... لا يزال أمامنا بعض الوقت حتى تبدأ المحاضرات، ما رأيك في نأخذ كأسين من القهوة في الكافيتيريا؟


هززت رأسي معارضة و أنا أدور بعيني في أنحاء الساحة علني ألمح إحدى الفتيات :

ـ شكرا لك... لكن صديقتي قد تأتي في أية لحظة...

هز كتفيه مستسلما :

ـ كما تشائين...


لم يطل صمته قبل أن يقول :

ـ أتدرين... كنت طوال الوقت في الطائرة خلال رحلتي من أمريكا أحاول تخيل ملامحك أمامي... كيف تراك تصبحين بعد كل هذه السنين...


ابتسمت و أنا أسأله :

ـ و كيف كانت النتيجة؟


مال فجأة على أذني و همس :


ـ أجمل بكثير مما توقعت...


تراجعت في حركة غريزية لأبتعد عنه لكنني لم أعلق على عبارته تلك...
رغم أنها لم تكن مناسبة جدا لما أعتبره "علاقة عادية بين أبناء العم"، لأنني حين استدرت لأؤنبه لمحت شخصا ما على قيد خطوات منا...



لم أتوقع أن أرى حسام ذاك الصباح في الكلية ... لكن لسوء حظي كان هو من
يقف على الرصيف على الجانب الآخر من الشارع... كان ينظر إلى طارق و قد عقد
حاجبيه في قلق واضح... لست أدري كم مضى من الوقت على وقوفه هناك... يا
إلهي ما الذي يدور برأسه في هاته اللحظات؟!


انتظرت أن يقترب منا... أن يستوضح... لكنه أشاح بوجهه و ابتعد في خطوات سريعة...



بات واضحا أنه لاحظ معاملة طارق الخاصة لي و التي تدل على قدر من الحميمية بيننا!!

--------------------------------------------------------
ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ



أخيرا ظهرت راوية!

نظرت إلي من بعيد و هي تتساءل في سرها عن الشاب الذي يقف معي و هو لم
يتوقف عن الحديث مذ وصلنا و أنا مشغولة عنه بالمصيبة التي حلّت بي بعد أن
رآنا حسام و انصرف غاضبا...




انتظرت أن تأتي إلي راوية على الفور، لكنها لعجبي الشديد، غيرت وجهتها و مضت نحو باب الكلية!!

ماذا دهاها؟ ألم ترني؟!

لكنها نظرت ناحيتي! مستحيل...




ـ انتظرني لحظة...

انطلقت إثرها دون أن أنتبه إلى أنني قاطعت طارق مرة أخرى خلال حديثه المشوق عن مغامراته في أمريكا...




ـ راوية... راوية... انتظري...




توقفت لتلقي التحية و أنا ألهث :

ـ كنت أنتظرك... ألم تريني؟




ـ بلى و لكنك بم تكوني بمفردك فلم أشأ التدخل...




ـ أنا في انتظارك كي تخلصيني من صحبته و أنت لا تريدين التدخل!!!




ضحكت راوية و هي تستمع إلى قصتي مع ابن عمتي الذي أصر على مرافقتي...


ـ و المصيبة أن حسام رآنا معا... و لم يشأ حتى أن يسلم علي بل انصرف غاضبا!




ـ طبعا... كيف كنت ستتصرفين إن كنت لمحته رفقة فتاة أخرى بمفردهما؟




تنهدت و قلت :

ـ المصيبة الأكبر هي أن طارق يعتبرني مثل أخته الصغيرة و يعاملني دون تحفظ!




نظرت إلي راوية متشككة :

ـ مثل أخته الصغيرة؟ هل أنت متأكدة؟!




هززت رأسي بشدة و أنا أؤكد :

ـ نعم يا راوية... أنت لا تصدقين؟ لقد كان طوال الطريق يحدثني عن طفولتنا
و ذكرياتنا المشتركة... و كيف أنه حاول أن يتخيل كيف تغيرت...




بدا على راوية عدم الاقتناع :

ـ هذا لا يعني شيئا... أنت لا تعرفين شيئا عن نواياه و خبايا نفسه...




ثم قالت بصوت مكتوم و هي تنظر ورائي :

ـ يا أهلا و سهلا...




التفتت فوجدت طارق قد اقترب منا و بادرني في عتاب :

ـ أين ذهبت يا مرام؟... ثم ألا تعرفينني بصديقتك؟



عرفتهما بسرعة ثم تظاهرت بالحديث مع راوية حول أحد المراجع الذي يجب أن أمر لاستلامه من المكتبة. التفتت إلى طارق معتذرة و قلت :

ـ آسفة يا طارق... أظنني سأدخل إلى المكتبة الآن... أراك لاحقا...




ابتسم في تفهم :

ـ حسن... حظا موفقا... و انتبهي إلى نفسك... أراك على الغداء...




هزت راوية حاجبيها و هي تقول في ثقة :

ـ مرام... أنت في مأزق... نظراته إليك ليست بريئة البتة!!!





التقينا دالية في ساحة الكلية فركضت نحوها لأخبرها بما حصل مع حسام. و ختمت روايتي بقولي :

ـ لم أتوقع أبدا أن أرى حسام هنا اليوم... أليس يتابع تربّصه في المستشفى المركزية؟




ابتسمت دالية في أسف و قالت :

ـ نعم... لكنه جاء خصيصا اليوم ليراك قبل الذهاب إلى المستشفى! يا لأخي
المسكين! كان عازما على الاتصال بوالدك هذا المساء لتحديد الموعد...




أحسست بالأسى للألم الذي سببته لحسام...

لقد أفسدت كل شيء! هل يغير رأيه بشأن لقاء والدي في نهاية الأسبوع؟




ـ أقسم لك يا راوية أنني لم أقصد إيلامه! لا ذنب لي فيما حصل... لم أرده
أصلا أن يرافقني خارج المنزل... لكنه أصر و لم أجد وسيلة للخلاص منه...




أيدتني راوية قائلة :

ـ أفهمي حسام أنه ابن عمتها و لم يرها منذ أكثر من خمس سنوات لذا فهو
يتصرف ببعض الغرابة و ليس في قاموسه حدود شرعية للعلاقة بين الأقارب من
الجنسين خاصة أنهما أصدقاء طفولة...



عدت إلى المنزل بعد يوم متعب نفسيا و جسديا من المحاضرات و من التفكير في وضع حد لطارق حتى لا تتكرر حادثة اليوم في مستقبل الأيام...


دخلت إلى المطبخ مباشرة حيث وجدت أمي تعد طعام العشاء

ـ هل عاد طارق؟




ـ نعم... إنه مع ماهر في غرفته يجربان لعبة الفيديو التي أحضرها له من أمريكا... هل تريدين الانضمام إليهما؟




هززت رأسي نافية و أنا أقول :

ـ لا أبدا... أمي، هناك مشكلة! لا أريد أن يخرج معي طارق بعد الآن!




نظرت إلي أمي متعجبة :

ـ لكنه ابن عمتك و هو في ضيافتنا... كما أنكما صديقان منذ طفولتكما!




ـ نعم يا أمي... كناااا أصدقاء طفولة... لكننا كبرنا الآن... و كلمة صداقة
لم يعد لها معنى في هذا السن بين الشاب و الفتاة... كيف يبدو شكلي و أنا
أمشي في الشارع مع شاب؟! هل يجب أن أسرد على كل من يمر بي قصة حياتي و
أردد : إنه صديق طفولة و لا شيء بيننا!! كما أنه تسبب في مشكلة مع حسام...




ـ هل تكلما؟




ـ لا أبدا... حسام انصرف غاضبا لأنه رأى طارق يوشوش في أذني...




قلت ذلك و انفجرت باكية... هرعت إلي أمي لتخفف عني فاستطردت و دموعي تسيل على خدي :

ـ ما الذي يقوله عني الآن و ماذا يظن بي؟ بل ربما يغير رأيه في مسألة الارتباط برمتها!




في تلك اللحظة دخل طارق إلى المطبخ و ما إن رآني باكية حتى جرى إلي و أمسك بيدي و هو يهتف :

ـ مرام... حبيبتي... ما بك تبكين؟!




سحبت يدي في حدة و صرخت :

ـ أرجوك... ابتعد عني!

----------------------------------------------------
ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ




تراجع طارق إلى الخلف و على وجهه علامات الذهول، و تسمّر في مكانه لا يبدي
حراكا... غطيت وجهي بكفي و أجهشت بالبكاء من جديد و أنا أتمتم في أسف :



ـ آسفة يا طارق... لم أقصد إهانتك... لكنني في ورطة، و أنت تضعني في مواقف محرجة!






نظر إلي غير مصدق :



ـ أنا أضعك في مواقف محرجة؟! كيف؟! صدقيني لم أقصدك إيذاءك أبدا!






ربتت أمي على كتفي مهدئة ثم قالت وهي تهم بمغادرة المطبخ :


ـ أترككما لتحلا سوء التفاهم الذي بينكما في هدوء...






ثم ابتعدت في خطوات رشيقة...






قلت دون أن أرفع رأسي إليه :



ـ طارق... أنت أحرجتني... الآن حين أمسكت يدي... و في الصباح حين خرجت معي
من المنزل... و أمام الكلية حين انحنيت لتوشوش في أذني... طارق نحن لم نعد
أطفالا... و لم يعد بإمكاننا أن نتعامل مثل الإخوة لأننا كبرنا... و
التزامي يمنعني من الخروج مع شاب أو الحديث معه على انفراد... حتى و لو
كان ابن عمتي و صديق طفولتي... فالحدود الشرعية هي الحدود الشرعية و لا
تقبل الاستثناءات...






كانت علامات الدهشة قد اختفت و راح ينصت إلي في انتباه و تفهّم، ثم اقترب مني مجددا و همس مواسيا :



ـ أفهمك يا مرام... أفهمك... و آسف حقا لأنني لم أراع مبادئك... صدقيني أنا أقدر تماما ردة فعلك...

لكن لماذا لم تصارحيني بانزعاجك في الإبان؟! ظننت أننا اتفقنا على الصراحة بيننا...





ابتسمت و أنا أتذكر عهودنا الطفولية...



لكننا تغيرنا يا طارق و الدنيا من حولنا تغيرت...



الذكريات عفا عنها الزمن و لم تعد تعني شيئا كثيرا في الوقت الحاضر... عدا كونها ذكريات! نبتسم حين نتذكرها ثم نعود إلى الحاضر...



لكنك يا صديقي تتوقع أن يتجمد العالم في غيابك، فتجده كما تركته رغم مرور السنين...



ربما كانت تلك أحلى سنوات حياتك فتألمت لفقدها لذلك تحاول استعادتها بأية وسيلة حتى و أنت تعلم أن ذلك من ضرب المستحيل!






جلس طارق على الكرسي المجاور و هو يردف دون أن يدرك فحوى ابتسامتي التي صاحبت حواري الداخلي :


ـ أنت تعلمين أنني لا يمكن أن أسبب لك أدنى أذى عن قصد... لأنك...


ثم مستجمعا شجاعته :



ـ لأنك... غالية على قلبي... حتى أنني كنت أنتظر اللحظة المناسبة... لأحدثك في أمر ما...






أحسست بمصيبة قادمة، تحث الخطو نحوي!!!


و لم أكن مستعدة لمواجهتها فقررت الدفاع فورا... و بما أن الهجوم خير وسيلة للدفاع فقد ألقيت عليه قنبلتي... دون رحمة...






قاطعته قبل أن يسترسل في كلامه :



ـ هنالك شيء آخر يجب أن تعلمه يا طارق...






تطلع إلي مستفسرا فواصلت و أنا أتجنب نظراته :


ـ هناك شاب تقدم لخطبتي... و قد وافقت عليه مبدئيا... و من المقرر أن يقابل أبي في نهاية الأسبوع...






تجلت الصدمة في ملامحه و ابتلع ريقه بصعوبة و هو ينظر إلي محاولا التماسك. لكنني واصلت متجاهلة صدمته...






نعم لقد أدركت ما كان ينوي قوله... أدركت أن راوية كانت على حق حين شككت
في نواياه تجاهي... و يؤلمني حقا أن أصده بهاته الطريقة... لكنني لم أضع
حدا في اللحظة المناسبة، فصارت الردود الرقيقة غير مجدية لأنها تبقى غير
حاسمة و قابلة للتأويل... فلأكن واضحة و صريحة... ألم نكن قد اتفقنا على
الصراحة؟


فليكن!



كما أنها أسهل الطرق و أسلمها لي و له... حتى يتجنب كلانا الحرج الناتج عن المصارحة... و الرفض...


لذا كان يجب أن أوقفه قبل أن ينطق و أن أتفادى قدر الإمكان لحظة المواجهة...






و استرسلت في الكلام دون أن أواجهه لأعطيه مهلة استيعاب الأمر و تجاوز مفعول الصدمة :



ـ ... لكن رؤيته لك معي هذا الصباح أثارت تحفظه... و أخشى أن يغير رأيه...
أنت تفهمني يا طارق... و لأنني أعتبرك أخي الأكبر و أعلم أنك تخاف على
مصلحتي فقد صارحتك بقلقي... حتى لا يتكرر الموقف و سوء الفهم...




فجأة ارتفع رنين الهاتف، فوقفت بسرعة و اتجهت إلى البهو لأرد على المتصل...


إنها دالية...




ـ مرحبا دالية... كيف حالك؟




أجابت دالية بجدية و اهتمام :



ـ اسمعي مرام... لقد تكلمت مع حسام، و هو متضايق جدا من وجود ابن عمتك
معكم في البيت! إنه يقول أن أباك مخطئ بالسماح لشاب أعزب أجنبي عنكم
بالإقامة عندكم!






ـ لكنه ابن عمتي يا دالية... و هو ضيف عندنا و قد جاء من أمريكا لزيارتنا، فلا نملك أن نطرده!






ـ نعم... أعلم، لكن الوضع غير مقبول!!!






تنهدت في ضيق و هممت بأن أرد على دالية حين سمعت ضوضاء و وقع أقدام في الممر... تطلعت إلى المدخل الذي يمكنني أن أراه من حيث أقف...



سمعت صوت أمي أولا :



ـ و لكن يا طارق يا بني، كيف تغادرنا هكذا؟! انتظر حتى يعود خالك... ثم ألا تتناول العشاء معنا؟!




ـ شكرا يا خالتي... و لكنني قد اتصلت بأيمن ابن خالتي هيام و هو ينتظرني
في محطة الحافلات... يجب أن ألحق به... شكرا على ضيافتكم، قضيت معكم وقتا
ممتعا...






ـ أنت لست غاضبا من مرام؟!






ـ لا لا أبدا يا خالتي... كان مجرد اختلاف و قد حلت المشكلة و الحمد
لله... لست متضايقا منها أبدا... و آمل أن لا أكون قد ضايقتكم بزيارتي
المفاجئة...






ـ على الرحب و السعة... عد لزيارتنا قبل سفرك...






ـ إن شاء الله يا خالتي...



ثم حانت منه التفاتة إلى البهو... رآني فابتسم ابتسامة تجلت مرارتها... و حياني بيده قبل أن ينصرف و يغلق الباب خلفه...






كانت علامات الحزن بادية في صوتي و أنا أقول مخاطبة دالية :


ـ ها قد انصرف طارق من بيتنا... لم يعد هنالك داع للقلق...





تمت الحلقة السادسة بحمد الله


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nomore.hooxs.com
ultras
المدير العام
المدير العام
ultras


ذكر عدد المشاركات : 776
نقاط التقييم : 30
تاريخ التسجيل : 13/12/2008

يوميات الاخت المسلمة Empty
مُساهمةموضوع: رد: يوميات الاخت المسلمة   يوميات الاخت المسلمة Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 09, 2010 3:11 pm

يوميات الاخت المسلمة 443631




الحلــــــــــقة الســـــــــــــابعة



ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ



استيقظت مبكرة اليوم على غير العادة... جهزت نفسي بسرعة ثم
جلست إلى المكتب أقوم بمراجعة أخيرة للدروس التي استغرقت أياما و ليالي
طويلة لفهمها و حفظها. ليس بإمكاني أن أراجع كل شيء فوقتي الضيق لا يسمح
إطلاقا بالعودة إلى المراجع الكثيرة المكومة على مكتبي... لكنني رحت أقرأ
في بضع وريقات دونت عليها ما تعسر علي استيعابه...




لكنني لم أستطع التركيز، فقد راح بصري ينتقل بصفة دورية بين الورقة و ساعة
الحائط التي تعلن مرور الدقائق سريعا، مما يزيد من توتري...


رفعت رأسي و تنهدت



اللهم إني أسألك فهم النبيين و حفظ الملائكة المقربين




و عدت ألتهم الأسطر التهاما...


لم يبق الكثير من الوقت...


يجب أن أذهب الآن...


طويت وريقاتي و وضعتها في محفظتي. ربما تمكنت من المراجعة لاحقا إذا توفرت لدي بضع دقائق قبل دخول قاعة الامتحان.





وصلت إلى الكلية فوجدت راوية صحبة بعض الزميلات يراجعن معا نظام عمل
الخلية. استمعت إليهن قليلا... جيد، يمكنني الإجابة بسهولة على هذا الجزء
من الدرس. فلأعد إلى أوراقي...




أخرجت دفتري و أبحرت فيه قبل أن يوقظني صوت راوية و هي تنظر في الورقة التي بين يدي :


ـ اممم... يبدو أنك قد راجعت جيدا... فأنا لم أملك الوقت حتى لأتم الأجزاء
الأكثر أهمية من الدرس... فما بالك بالحالات الاستثنائية و التفاصيل
الثانوية!!!




ابتسمت و أن أهز رأسي :


ـ الحمد لله، لقد بدأت المراجعة باكرا... لكن حجم المادة الدراسية ضخم
للغاية و لا يمكن الإلمام به مهما حاولت!! فكما ترين، أجد صعوبة مع الكثير
من النظريات...




وقلبت الأوراق أمامها ثم هززت كتفي في لامبالاة و استطردت :


ـ على أية حال، كل منا سيدخل الامتحان بما استقر في رأسه... كثر أم قلّ... و لا سبيل إلى التحسر الآن!




نظرت إلي راوية في تمعن ثم ابتسمت قائلة :


ـ مرام... هل تجلسين إلى جانبي؟




قلت في غير اكتراث :


ـ طيب...




فقالت مستفسرة :


ـ ماذا راجعت أيضا؟ كي أعلم في أي الأجزاء يمكنني أن أعتمد عليك...




نظرت إليها مستغربة ثم ابتسمت و قد أدركت أنها تمزح :


ـ قولي أنت أولا! فيم يمكنك مساعدتي... فأنا لا أقدم الخدمات دون مقابل!!




قالت في حركة مسرحية :


ـ كل معلوماتي تحت أمرك و ملك يدك... يكفي أن ترضي عنا يا آنستي!




ثم أردفت ضاحكة :


ـ و تعاونوا على البر و التقوى!




شاركتها الضحك، ثم دخلنا القاعة سوية.




جلسنا في مقعدين متقاربين و أخذنا نستعد... أخرجت الورق و القلم و حفظت الدفتر في الحقيبة.


بعد لحظات دخل المشرفون على الامتحان و شرعوا في توزيع أسئلة الامتحان. أغمضت عيني و رحت أستذكر أدعية الامتحان


اللهم أدخلني مدخل صدق و أخرجني مخرج صدق و اجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا


اللهم اشرح لي صدري و يسر لي أمري


بسم الله توكلت على الله لا حول و لا قوة إلا بالله...




تنفست بعمق ثم نظرت إلي راوية التي بادلتني ابتسامة واثقة و همست كل منا للأخرى :


ـ وفقك الله...




ثم تناولت الورقة و بدأت العمل...




مرت الدقائق تلو الدقائق و أنا لا أكاد أرفع رأسي عن الورقة. الاختبار طويل و الوقت ضيق و كل دقيقة ضائعة تحسب عليّ!


توقفت عند سؤال استعصى علي... اللهم علمني ما جهلت و ذكرني ما نسيت...




كنت أحاول التركيز قدر الإمكان و استرجاع الدرس في ذاكرتي رويدا رويدا علني أعثر على النقطة التي تدلني على الحل...




فجأة تناهى إلي همس خافت... رفعت رأسي فوجدت راوية تناديني! التفتت إليها
مستغربة. كانت تمد إلي ورقتها مشيرة إلى السؤال الذي أعياني البحث فيه. لم
أفهم قصدها في البداية... لكنها كانت تعرض علي المساعدة!




أشرت إليها بأن ترجع ورقتها قبل أن يتفطن المراقب و يمسكها متلبسة!


هزت كتفيها و كأنها تقول : كما تشائين...




عدت إلى ورقتي من جديد و قد بدأت الرؤية تتضح أمامي و لم ألبث أن وجدت
الحل فكتبته في سرعة و على شفتي ابسامة جذلى و انتقلت إلى السؤال الموالي.




لم ألبث أن سمعت همسا من جديد... إنها راوية ثانية!


كانت تشير إلى سؤال تعسر عليها الإجابة عنها... و لكن... هل تتوقع مني أن أمرر إليها ورقتي لتنقل منها الأجابة؟!


إنها بالفعل تطلب الورقة!




ـ لا تقلقي سألقي نظرة و أعيدها قريبا...




تلفتت فإذا المراقب في ركن بعيد لا يمكنه رؤيتنا منه...


يا إلهي ماذا أفعل؟!!!

---------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ




كانت راوية تنتظر ردي أو أن أمد إليها ورقتي...


لا يمكن أن أفعل هذا مهما حصل! حتى لو كان المراقب بعيدا عنا فعين الله ترقبنا!


صحيح أنني لست من يحاول الغش، لكنني أكون قد ساعدت على الغش!


يجب أن أفهم راوية الأمر بعض الفرض حتى لا تتكرر الحادثة...


لكن الآن... ما العمل؟!


ستغضب مني إن تجاهلتها أو رفضته... كما أنه ليس الوقت و لا المكان المناسب لتقديم المواعظ...




عقدت حاجبي و نظرت إلى راوية مستفسرة و قد بدا على وجهي علامات عدم فهم
قصدها... استمرت تحاول التفسير مشيرة إلى الورقة و محاولة توضيح رقم
السؤال بأصابعها... هززت رأسي و كأنني أقول : لا أفهم شيئا من إشاراتك!!!


ثم أشحت بوجهي و عدت إلى ورقتي حين لمحت المراقب يقترب...



بعد بضع دقائق عادت همسات راوية...



لكنني كنت قد قررت تجاهلها تماما، كأنني لم أسمع شيئا... لكنني في نفس
الوقت لم أستطع التركيز على الأسئلة التي أمامي، فقد كنت أشفق على راوية
التي لم تستطع مراجعة كل الدروس بسبب زفاف أختها...


لكن ما حيلتي!




اقترب وقت الاختبار على الانتهاء و كانت راوية قد يئست مني و توقفت عن مناداتي منذ زمن...


أعلن المراقب انتهاء الاختبار فوقت لتسليم و رقتي. كانت راوية لا تزال
تعصر أفكارها محاولة الإجابة على الأسئلة المتبقية. سلمت ورقتي و خرجت من
القاعة و كان عدد من قليل من الطلبة لم يغادر القاعة بعد في محاولات أخيرة
يائسة لإيجاد الحل الدي عجز عنه في ساعات في ثواني!! مع تصاعد التوتر من
نداء المراقب و تهديده بمغادرة القاعة و حركة الجيئة و الذهاب من طرف
الطلبة الذين يسلمون أوراقهم و يجمعون أدواتهم و يتحدثون بصوت عال...




وقفت خارج القاعة في انتظار راوية...


و أخيرا رأيتها مقبلة و هي تزفر في قلق. توجهت نحوها مبتسمة :


ـ و أخيرا خرجت... ألم...




بترت عبارتي حين وجدتها تشيح بوجهها تبتعد عني في خطوات سريعة!!


تسمرت في مكاني من الدهشة... ما الذي حل بها؟!


لحقت بها و أنا أناديها :


ـ راوية... راوية... انتظري!




لكنها تجاهلتني و بات من الواضح أنها غاضبة مني فعلا!


أسرعت و أنا على وشك الركض في الساحة و أمسكت بذراعها لأوقفها :


ـ ماذا دهاك؟! توقفي و كلميني!




التفتت إلي و قد بدت عيناها محمرتان و هي على وشك البكاء :


ـ اتركيني الآن... لست مستعدة للكلام مع أحد!




أفلتت ذراعها و قلت بعد تردد قصير :


ـ راوية... أنا آسفة بالنسبة للامتحان... لم يكن بإمكاني أن...




قاطعتني في شبه صراخ :


ـ قلت لا أريد أن أسمع شيئا!




كانت تتنفس بسرعة و عصبية... استطردت بعد لحظات :


ـ أنت تجاهلتني... و رفضت مساعدتي، مع أنك تعلمين أنني في أمس الحاجة إلى تقدير هده المادة... هل هده هي الصداقة في نظرك؟!




أمسكت يدها في توسل و شفقة :


ـ و لكن يا راوية هدا اسمه غش...




هتفت غاضبة :


ـ الضرورات تبيح المحظورات!!!




ثم ركضت مبتعدة... لم أملك أن ألحق بها ثانية... فلأتركها لتهدأ، ثم سنتحدث باتزان...


لمحت دالية أمام الكلية، حييتها بيدي من بعيد فاقتربت مني مبتسمة و هتفت :


ـ كنت أبحث عنك... كيف سار الامتحان اليوم؟




ـ الحمد لله... بخير إن شاء الله




ـ الحمد لله... أنا أيضا متفائلة بما قدمت... المهم... أنا هنا في مهمة!




ثم غمزتني ضاحكة... فتسارعت دقات قلبي...


ـ احم احم... الدكتور حسام سيزوركم مساء الغد على الساعة السادسة... و قد كلفني بالقيام ببعض التحريات...




ـ تحريات؟!




ـ نعم... فهو يريد أن يعرف إن كان والدك على علم بكل التفاصيل، و إن كان
يعتبر هاته الزيارة لمجرد التعارف أم أنه ينتظر منه الحديث في موضوع
الخطبة مباشرة؟




سكتت قليلا مفكرة :


ـ المفروض أن أمي أعلمت أبي بكل التفاصيل... تقريبا... لكن لا أدري إن كان
يريد الدخول في لب الموضوع مباشرة قبل أن يتعرف على حسام و يسأل عنه...




ضحكت دالية و هي تقول :


ـ المشكلة أنه يجهل تماما ما يجب فعله و قوله في مثل هاته المناسبات!!




ـ فليسأل والدك!




ـ أنت تعلمين أن العادات تتغير من جيل إلى آخر... كما أن والدي مسافر هاته الأيام




ـ أليس له صديق خطب مؤخرا؟ قولي له أن يحضر معه أحد أصدقائه أو أقاربه حتى لا يحس بالحرج بمفرده




ـ لا أظن... هو لا يريد أن يعرف أحد بالقصة قبل أن تتم الخطبة رسميا...
فقد قرر أن يذهب بمفرده! لكن عنده سؤال آخر... هل قاعة الجلوس عندكم
مفتوحة أم منفصلة عن بقية الغرف؟




نظرت إليها في دهشة ثم انفجرت ضاحكة :


ـ هل يخشى أن ينصت إلى حديثه أحد ما؟!




ـ بل قولي يتمنى أن يأتي لنجدته أحد ما إن لم يستطع السيطرة على الموقف!!




ضحكنا في مرح و قلت :


ـ قولي له أن قاعة الجلوس منفصلة... لكن من يرغب في استراق السمع يمكنه الوقوف في الحديقة أمام إحدى النوافذ أو في الممر...




ـ سؤال أخير... هل سيكون هنالك أحد آخر غير والدك في استقباله؟




ـ امم... لست أدري إن كان أخي ماهر سيقحم نفسه في الموضوع... لكن ربما حضر عمي... لست متأكدة...




ـ إذن لا يمكنك المساعدة في شيء!! جميع الإجابات لا أدري!! سيقول عني أنني متحرية فاشلة!!




ضحكنا من جديد ثم افترقنا قريبا من بيتنا...




كنت أفكر في راوية... كيف سأسترضيها؟


دخلت غرفتي و استلقيت على ظهري و غفوت قليلا...


اسيقظت بعد فترة وجيزة منتفضة بعد أن رأيت كابوسا مزعجا!! كيف أنام مرتاحة البال و صديقة المقربة غاضبة مني؟!




وقفت بسرعة و طلبت رقمها على الهاتف الجوال... انتظرت لحظات قبل أن يفاجئني صوت أمها!!


ـ مرحبا مرام... كيف حالك و كيف حال والدتك؟ راوية متعبة قليلا و قد طلبت مني أن أجيب على الهاتف...




ـ سلامتها... هل هي بخير؟




ـ لا تقلقي... مجرد تعب سيزول قريبا...




وضعت السماعة في أسف...
راوية لا تريد أن تكلمني!!

----------------------------------------------


ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ





كان مساءا حزينا ثقيلا على نفسي... لم أنقطع عن التفكير في الأحداث المحيطة بي...




تألمت لبعد راوية عني في هاته اللحظات الحاسمة في تاريخ حياتي... فغدا يتقرر مصير علاقتي بحسام


لم أتخيل أن يمر حدث كهذا دون أن أتبادل أحاديث طويلة مع راوية حوله في
قلق و ترقب و أمل... فنضع جميع التوقعات و نتناقش حولها... فتخفف عني و
تطمئنني و تدخل الراحة على قلبي بأسلوبها الهادئ الرصين...




إنها صديقتي المقربة مند سنوات طويلة و هي أكثر من يفهمني و ينصحني و يكون إلى جانبي في وقت الشدة...


هي من أستشير في كل أمر، إضافة إلى أمي...


و هي من يخرجني من المآزق الحرجة بأفكارها المبدعة و اقتراحاتها المتميزة


و هي من يحس بي حين أتضايق، و يسهر على راحتي حين أمرض...




كنت في قلق شديد... من قدوم حسام إلى بيتنا مساء الغد...


و من غضب راوية مني و هي التي لم تغضبني يوما!




جلست في غرفتي متفكرة، و وجهي بين كفي... كيف أتصرف؟! إنها لا تريد الاستماع إلي و لا تجيب على الهاتف...




دخلت أمي فوجدتني على تلك الحال. نادتني قائلة :


ـ ألا تنضمين إلينا للعشاء؟ والدك ينتظر...




رفعت رأسي دون أن يبدو علي الحماس للفكرة :


ـ شكرا لك يا أمي... و لكنني لست جائعة...




ابتسمت و قالت مداعبة :


ـ لست جائعة أم... هناك ما يشغلك...؟




لم أجب و تنهدت في حزن فاستطردت في حنان و هي تقترب لتجلس على حافة الفراش :


ـ ما بال صغيرتي قلقة؟ دعي الأمر على الله... فإن كان هنالك نصيب فكل شيء
سيسير على أحسن ما يرام... ألم تستخيري؟ إذن لا تشغلي بالك...




هززت رأسي مؤكدة :


ـ نعم يا أمي فالاستخارة حولت قلقي إلى راحة و أنا متوكلة تماما على
الله... لكنني لا أستطيع أن أمنع نفسي من التطلع إلى ما سيحصل بين أبي و
بين حسام غدا...




صمتت قليلا ثم أردفت :


ـ لكن ليس هذا كل شيء...




و قصصت عليها مشكلتي مع راوية...




ابتسمت أمي و قالت :


ـ من العادي أن تحدث خلافات بين الأصدقاء لتغيير رتابة العلاقة... لكن
المهم أن لا يأخذ الأمر أكثر مما يستحق من الاهتمام... و أعلم أنك لا
تستغنين عن راوية... و راوية لا تستغني عنك, لذلك أنا واثقة من أن الحكاية
ستنتهي قريبا على خير...

جلست على ركبتي و أنا أقول في حماس و اهتمام :



ـ أمي... ألا يمكنك التدخل؟ لم لا تتصلين براوية و تحاولين إقناعها بأن
الغش في الامتحان لا يجوز... و أنني لم أقصد ازعاجها أو التخلي عنها... بل
أردت مصلحتها... إنها تحترمك و تسمع منك...




هزت أمي رأسها علامة عدم الموافقة :


ـ لا يا حبيبتي لا... المشكلة بينك و بينها و لا يجب أن تتدخل فيها أطراف
أخرى مهما كانت قريبة منكما... حتى تحس راوية بخصوصية علاقتكما و
مشاكلكما... و لا تجرح إن انتشرت القصة عن خطئها... خاصة أنني واثقة أنها
ما إن تهدأ و تفكر بهدوء ستدرك خطأها. لذا أعطها الفرصة لتراجع نفسها...




ـ يعني لا أحاول معاودة الاتصال بها؟




ـ ليس الآن... اتركيها إلى الغد... ستكون قد حصلت على الوقت الكافي
للتفكير... كما تكون حالتها النفسية تحسنت من جراء الامتحان الذي تعثرت
فيه...




ابتسمت و قد بدا لي كلام أمي مقنعا و مطمئن
ا


أمسكت أمي بيدي و هي تقول :


ـ و الآن تعالي لتناول طعام العشاء... أكيد أن شهيتك قد تحسنت!


وقفت و ابتسامة صغيرة تعلو شفتي... نعم الصديقة أنت يا أمي...





لم يثر أبي الموضوع على العشاء إطلاقا و لم يسألني شيئا عن علاقتي بحسام.
أما أخي ماهر فقد كان يزعجني بملاحظاته و تعليقاته السمجة!! كأنه وجد
الفرصة ليحرجني و يضايقني...




ـ كيف يبدو شكله؟ طويل أم قصير؟ سمين أم نحيف؟ أتصوره نحيفا و قصير القامة... يرتدي نظارات سميكة... مثل أغلب طلبة الطب!!




ثم ينفجر ضاحكا فألمزه بمرفقي ليهدأ. و حين يضبطه أبي في شقاوته يتظاهر بأنه يأكل و يكتم ضحكه بصعوبة...





استيقظت مبكرة في الغد... و الحقيقة أنني لم أنم كثيرا! مع أنني أعلم أنه
لا داعي للقلق... كأنني سأمر بامتحان عسير... لكن حسام هو من سيمر
بالامتحان...


امتحان أبي!!


فأبي لم يكن متحمسا لمسألة الخطوبة في مثل هذا الوقت... و هذه السن. خاصة
أن كلانا لم ينه دراسته بعد. حسام بقيت أمامه سنة واحدة لينهي الجزء
النظري من الدراسة، ثم يبدأ التدريب المتواصل في المستشفى...


و لولا أن أمي أقنعت أبي بأنه شاب متميز و أن عليه أن يلتقيه قبل إعلان
رفضه لما أعطى الأمر أهمية أبدا بل لكان أنهى القصة منذ البداية مثلما فعل
مع عدد من الخاطبين في السابق متعللا بصغر سني...


و الحقيقة أنني لا ألومه، فأنا في السنوات الماضية لم أكن أفكر في مسألة
الارتباط أصلا، بل كنت مقتنعة إلى أنني في مرحلة تطور فكري و قد أغير
رأيي...


كما أن أبي لم يكن ليرفض شابا يراه صالحا لي... بل أظنه كان يتعلل بمسألة
السن حتى لا يجرح الشاب و لا يفتح الباب للخاطبين في نفس الوقت...





الهاتف يرن...
إنها دالية :


ـ كيف حالك اليوم؟ هل أنت مستعدة؟




قلت متضاحكة :


ـ بل أسأل عن حال الدكتور! هل جهز خطابه جيدا؟ فالاختبار الذي سيجتازه اليوم ليس ككل الاختبارات!




ضحكت دالية بدورها و هي تقول :


ـ يعني كأنك لست معنية بالاختبار! أراهن على أن راوية عندك ترفع لك المعنويات!!




سكتت و قد تلاشت ابتسامتي


ـ راوية؟! إنها لم تأت بعد سأتصل بها بعد حين...


وضعت السماعة و سارعت للاتصال براوية. فلنر كيف ستستقبلني...





ــــيتبعـــ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nomore.hooxs.com
 
يوميات الاخت المسلمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحجاب زينة الفتاة المسلمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات المحترف :: أدباتية المحترف :: قصص وحكايات-
انتقل الى: